البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٧٢
في أمورهم وحوائجهم. قال الزمخشري : لَمْ يَلِدْ، لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا، ودل على هذا المعنى بقوله : أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ «١». وَلَمْ يُولَدْ : لأن كل مولود محدث وجسم، وهو قديم لا أول لوجوده، وليس بجسم ولم يكافئه أحد. يقال له كفو، بضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء، وبضم الكاف مع ضم الفاء. وقرأ حمزة وحفص : بضم الكاف وإسكان الفاء، وهمز حمزة، وأبدلها حفص واوا. وباقي السبعة : بضمهما والهمز، وسهل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع، وفي رواية عن نافع أيضا كفا من غير همز، نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة. وقرأ سليمان بن علي بن عبد اللّه بن عباس : كفاء بكسر الكاف وفتح الفاء والمد، كما قال النابغة :
لا تعذقني بركن لا كفاء له الأعلم لا كفاء له : لا مثل له. وقال مكي سيبويه : يختار أن يكون الظرف خبرا إذا قدمه، وقد خطأه المبرد بهذه الآية، لأنه قدم الظرف ولم يجعله خبرا، والجواب أن سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف إذا تقدم، إنما أجاز أن يكون خبرا وأن لا يكون خبرا. ويجوز أن يكون حالا من النكرة وهي أحد. لما تقدم نعتها عليها نصب على الحال، فيكون له الخبر على مذهب سيبويه واختياره، ولا يكون للمبرد حجة على هذا القول، انتهى. وخرجه ابن عطية أيضا على الحال.
وقال الزمخشري : فإن قلت : الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم، وقد نص سيبويه على ذلك في كتابه، فما باله مقدما في أفصح الكلام وأعربه؟ قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه وتعالى، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه وأحقه بالتقديم وأحراه، انتهى.
وهذه الجملة ليست من هذا الباب، وذلك أن قوله : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ليس الجار والمجرور فيه تاما، إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرا لكان، بل هو متعلق بكفوا وقدم عليه. فالتقدير : ولم يكن أحد كفوا له، أي مكافئه، فهو في معنى المفعول متعلق بكفوا. وتقدم على كفوا للاهتمام به، إذ فيه ضمير الباري تعالى. وتوسط الخبر، وإن كان