البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٦٩
الْخِيامِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ
قال ابن عباس : تجتنيه قائما وقاعدا ومضطجعا، لا يرد يده بعد ولا شوك وقرأ عيسى : بفتح الجيم وكسر النون، كأنه أمال النون، وإن كانت الألف قد حذفت في اللفظ، كما أمال أبو عمرو حَتَّى نَرَى اللَّهَ «١». وقرىء : وجنى بكسر الجيم. والضمير في فِيهِنَّ عائد على الجنان الدال عليهن جنتان، إذ كل فرد فرد له جنتان، فصح أنها جنان كثيرة، وإن كان الجنتان أريد بهما حقيقة التثنية، وأن لكل جنس من الجن والإنس جنة واحدة، فالضمير يعود على ما اشتملت عليه الجنة من المجالس والقصور والمنازل. وقيل :
يعود على الفرش، أي فيهن معدات للاستماع، وهو قول حسن قريب المأخذ. وقال الزمخشري : فيهن في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والجنى. انتهى، وفيه بعد. وقال الفراء : كل موضع من الجنة جنة، فلذلك قال : فِيهِنَّ، والطرف أصله مصدر، فلذلك وحد. والظاهر أنهن اللواتي يقصرون أعينهن على أزواجهن، فلا ينظرن إلى غيرهم. قال ابن زيد : تقول لزوجها : وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك. وقيل :
الطرف طرف غيرهن، أي قصرن عيني من ينظر إليهن عن النظر إلى غيرهن.
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ، قال ابن عباس : لم يفتضهن قبل أزواجهن. وقيل : لم يطأهن على أي وجه. كان الوطء من افتضاض أو غيره، وهو قول عكرمة. والضمير في قَبْلَهُمْ عائد على من عاد عليه الضمير في مُتَّكِئِينَ. وقرأ الجمهور : بكسر ميم يطمثهن في الموضعين وطلحة وعيسى وأصحاب عبد اللّه
وعليّ : بالضم.
وقرأ ناس : بضم الأول وكسر الثاني، وناس بالعكس، وناس بالتخيير، والجحدري : بفتح الميم فيهما، ونفي وطئهن عن الإنس ظاهر وأما عن الجن، فقال مجاهد والحسن : قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن، إذ لم يذكر الزوج اللّه تعالى، فنفى هنا جميع المجامعين. وقال ضمرة بن حبيب : الجن في الجنة لهم قاصرات الطرف من الجن نوعهم، فنفي الافتضاض عن البشريات والجنيات. قال قتادة : كَأَنَّهُنَّ على صفاء الياقوت وحمرة المرجان، لو أدخلت في الياقوت سلكا، ثم نظرت إليه، لرأيته من ورائه. انتهى. وفي الترمذي : أن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة مخها. وقال ابن عطية :

(١) سورة البقرة : ٢/ ٥٥.


الصفحة التالية
Icon