البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٩٥
فَأَمَّا إِنْ كانَ : أي المتوفى، مِنَ الْمُقَرَّبِينَ : وهم السابقون. وقرأ الجمهور فَرَوْحٌ، بفتح الراء وعائشة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم
، وابن عباس، والحسن، وقتادة، ونوح القارئ، والضحاك، والأشهب، وشعيب بن الحبحاب، وسليمان التيمي، والربيع بن خيثم، ومحمد بن عليّ، وأبو عمران الجوني، والكلبي، وفياض، وعبيد، وعبد الوارث عن أبي عمرو، ويعقوب بن صيان، وزيد، ورويس عنه : بضمها. قال الحسن : الروح :
الرحمة، لأنها كالحياة للمرحوم. وقال أيضا : روحه تخرج في ريحان. وقيل : الروح :
البقاء، أي فهذان له معا، وهو الخلود مع الرزق. وقال مجاهد : الريحان : الرزق. وقال الضحاك : الاستراحة. وقال أبو العالية وقتادة والحسن أيضا : الريحان، هذا الشجر المعروف في الدنيا، يلقى المقرب ريحانا من الجنة. وقال الخليل : هو ظرف كل بقلة طيبة فيها أوائل النور. وقال صلى اللّه عليه وسلم، في الحسن والحسين، رضي اللّه تعالى عنهما :«هما ريحانتاي من الدنيا».
وقال ابن عطية : الريحان : مما تنبسط به النفوس، فَرَوْحٌ : فسلام، فنزل الفاء جواب أما تقدم. أما وهي في تقدير الشرط، وإن كان من المقربين، وإن كان من أصحاب اليمين، وإن كان من المكذبين الضالين شرط وإذا اجتمع شرطان، كان الجواب للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف، ولذلك كان فعل الشرط ماضي اللفظ، أو مصحوبا بلم، وأغنى عنه جواب أما، هذا مذهب سيبويه. وذهب أبو عليّ الفارسي إلى أن الفاء جواب إن، وجواب أما محذوف، وله قول موافق لمذهب سيبويه. وذهب الأخفش إلى أن الفاء جواب لأمّا، والشرط معا، وقد أبطلنا هذين المذهبين في كتابنا المسمى بالتذييل والتكميل في شرح التسهيل، والخطاب في ذلك للرسول صلى اللّه عليه وسلم، أي لا ترى فيهم يا محمد إلا السلامة من العذاب. ثم لكل معتبر من أمّته صلى اللّه عليه وسلم قيل لمن يخاطبه : مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فقال الطبري : المعنى : فسلام لك أنت من أصحاب اليمين. وقال قوم : المعنى : فيقال لهم :
مسلم لك إنك من أصحاب اليمين. وقيل : فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي يسلمون عليك، كقوله : إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً. والمكذبون الضالون هم أصحاب المشأمة، أصحاب الشمال. وقرأ الجمهور : وتصلية رفعا، عطفا على فَنُزُلٌ وأحمد بن موسى والمنقري واللؤلؤي عن أبي عمرو : بجر التاء عطفا على مِنْ حَمِيمٍ. ولما انقضى الإخبار بتقسيم أحوالهم وما آل إليه كل قسم منهم، أكد ذلك بقوله : إِنَّ هذا : أي إن هذا الخبر المذكور في هذه السورة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فقيل :