البحر المحيط، ج ٢، ص : ١٣٧
ولا يحتاج إلى تقدير هذا المضاف لصدق : آتيت زيدا مالا، وإن لم يباشر هو الأخذ بنفسه بل بوكيله.
وَابْنَ السَّبِيلِ : الضيف، قاله قتادة، وابن جبير، والضحاك، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج أو المسافر يمرّ عليك من بلد إلى بلد، قاله مجاهد، وقتادة أيضا، والربيع بن أنس.
وسمي : ابن السبيل بملازمته السبيل، وهو الطريق، كما قيل لطائر يلازم الماء ابن ماء، ولمن مرت عليه دهور : ابن الليالي والأيام.
وقيل : سمي ابن سبيل لأن السبيل تبرزه، شبه إبرازها له بالولادة، فأطلقت عليه البنوّة مجازا والمنقطع في بلد دون بلده، وبين البلد الذي انقطع فيه وبين بلده مسافة بعيدة، قاله أبو حنيفة، وأحمد، وابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي، والقاضي أبو يعلى أو الذي يريد سفرا ولا يجد نفقة، قاله الماوردي، وغيره عن الشافعي.
والسائلون : هم المستطعمون، وهو الذي تدعوه الضرورة إلى السؤال في سدّ خلته، إذ لا تباح له المسألة إلّا عند ذلك.
ومن جعل إيتاء المال لهؤلاء ليس هو الزكاة، أجاز ايتاءه للمسلم والكافر، وقد ورد في الحديث ما يدل على ذم السؤال ويحمل على غير حال الضرورة.
والرِّقابِ :
هم المكاتبون يعانون في فك رقابهم، قاله عليّ
وابن عباس، والحسن، وابن زيد، والشافعي.
أو : عبيد يشترون ويعتقون، قاله مجاهد، ومالك، وأبو عبيد، وأبو ثور. وروي عن أحمد القولان السابقان.
أو : الأسارى يفدون وتفك رقابهم من الأسر وقيل : هؤلاء الأصناف الثلاثة، وهو الظاهر. فإن كان هذا الإيتاء هو الزكاة فاختلفوا، فقيل : لا يجوز إلّا في إعانة المكاتبين، وقيل : يجوز في ذلك، وفيمن يشتريه فيعتقه. وإن كان غير الزكاة فيجوز الأمران، وجاء هذا الترتيب فيمن يؤتي المال تقديما، الأولى فالأولى، لأن الفقير القريب أولى بالصدقة من غيره للجمع فيها بين الصلة والصدقة، ولأن القرابة من أو كد الوجوه في صرف المال إليها، ولذلك يستحق بها الإرث، فلذلك قدّم ثم أتبع باليتامى لأنه منقطع الحيلة من كل الوجوه