البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٣٤
المسلمين النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الهلال
، وما فائدة محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس، قاله ابن عباس، وقتادة، والربيع، وغيرهم. وروي أن من سأل هو معاذ بن جبل، وثعلبة بن غنم الأنصاري، قالا : يا رسول اللّه. ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلىء، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ لا يكون على حالة واحدة؟ فنزلت.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة، وهو أن ما قبلها من الآيات نزلت في الصيام، وأن صيام رمضان مقرون برؤية الهلال، وكذلك الإفطار في شهر شوال، ولذلك
قال صلى اللّه عليه وسلم :«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».
وكان أيضا قد تقدّم كلام في شيء من أعمال الحج، وهو : الطواف، والحج أحد الأركان التي بني الإسلام عليها.
وكان قد مضى الكلام في توحيد اللّه تعالى، وفي الصلاة، والزكاة، والصيام، فأتى بالكلام على الركن الخامس وهو : الحج، ليكون قد كملت الأركان التي بني الإسلام عليها. وروي عن ابن عباس أنه قال : ما كان أمة أقل سؤالا من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم سألوا عن أربعة عشر حرفا فأجيبوا منها في سورة البقرة أولها وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ «١» والثاني : هذا، وستة بعدها، وفي غيرها : يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ «٢» يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «٣» وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ «٤» وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ «٥» وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ»
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ «٧» قيل : اثنان من هذه الأسئلة في الأول في شرح في شرح المبدأ، واثنان في الآخر في شرح المعاد، ونظيره أنه افتتحت سورتان ب يا أَيُّهَا النَّاسُ «٨» الأولى وهي الرابعة من السور في النصف الأول، تشتمل على شرح المبدأ، والثانية وهي الرابعة أيضا من السور في النصف الآخر تشتمل على شرح المعاد.
والضمير في يسألونك ضمير جمع على أن السائلين جماعة، وإن كان من سأل اثنين، كما روي، فيحتمل أن يكون من نسبة الشيء إلى جمع وإن كان ما صدر إلّا من واحد منهم أو اثنين، وهذا كثير في كلامهم، قيل : أو لكون الإثنين جمعا على سبيل الاتساع والمجاز.

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ١٨٦.
(٢) سورة المائدة : ٥/ ٤.
(٣) سورة الأنفال : ٨/ ١.
(٤) سورة الإسراء : ١٧/ ٨٥.
(٥) سورة الكهف : ١٨/ ٨٣.
(٦) سورة طه : ٢٠/ ١٠٥.
(٧) سورة النازعات : ٧٩/ ٤٢.
(٨) سورة النساء : ٤/ ١، وسورة الحج : ٢٢/ ١.


الصفحة التالية
Icon