البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٨٠
فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ الرفث هنا قال ابن عباس، وابن جبير، وقتادة، والحسن، وعكرمة، ومجاهد، والزهري، والسدي : هو الجماع وقال ابن عمر، وطاووس، وعطاء، وغيرهم : هو الإفحاش للمرأة بالكلام، كقوله : إذا أحللنا فعلنا بك كذا، لا يكني، وقال قوم : الإفحاش بذكر النساء، كان ذلك بحضرتهن أم لا وقال قوم :
الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من أهله، وقال أبو عبيدة : هو اللغو من الكلام، وقال ابن الزبير : هو التعرض بمعانقة ومواعدة أو مداعبة أو غمز.
وملخص هذه الأقوال أنها دائرة بين شيء يفسده وهو الجماع، أو شيء لا يليق لمن كان ملتبسا بالحج لحرمة الحج.
والفسوق : فسر هذا بفعل ما نهى عنه في الإحرام من قتل صيد، وحلق شعر، والمعاصي كلها لا يختص منها شيء دون شيء قاله ابن عباس، وعطاء، والحسن، ومجاهد، وطاووس. أو الذبح للأصنام ومنه : أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ «١» قاله ابن زيد، ومالك، أو التنابذ بالألقاب قال : بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ «٢» قاله الضحاك، أو السباب منه :
«سباب المسلم فسوق»
. قاله ابن عمر أيضا، ومجاهد، وعطاء، وإبراهيم، والسدي، ورجح محمد بن جرير أنه ما نهي عنه الحاج في إحرامه لقوله : فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ.
وقد علم أن جميع المعاصي محرم على كل أحد من محرم وغيره، وكذلك التنابذ، ورجح ابن عطية، والقرطبي المفسر وغيرهما قول من قال : إنه جميع المعاصي لعمومه جميع الأقوال والأفعال، ولأنه قول الأكثر من الصحابة والتابعين، ولأنه
روي :«والذي نفسي بيده، ما بين السماء والأرض عمل أفضل من الجهاد في سبيل اللّه، أو حجة مبرورة لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال».
وقال العلماء : الحج المبرور هو الذي لم يعص اللّه في أثناء أدائه وقال الفراء : هو الذي لم يعص اللّه بعده.
والجدال : هنا مماراة المسلم حتى يغضب، فأما في مذاكرة العلم فلا نهي عنها، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وعطاء، ومجاهد. أو السباب، قاله ابن عمر، وقتادة. أو :
(١) سورة الأنعام : ٦/ ١٤٥.
(٢) سورة الحجرات : ٤٩/ ١١.