البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٨٢
جوّزه وجزم به ابن عطية ضعيف، لأن إعمال : لا، إعمال : ليس، قليل جدا، لم يجىء منه في لسان العرب إلّا ما لا بال له، والذي يحفظ من ذلك قوله :
تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى اللّه واقيا
أنشده ابن مالك، ولا أعرف هذا البيت إلّا من جهته، وقال النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا في حبها متراخيا
وقال آخر :
أنكرتها بعد أعوام مضين لها لا الدار دار ولا الجيران جيرانا
وخرج على ذلك سيبويه قول الشاعر :
من صدّ عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
وهذا كله يحتمل التأويل، وعلى أن يحمل على ظاهره لا ينتهي من الكثرة بحيث تبنى عليه القواعد، فلا ينبغي أن يحمل عليه كتاب اللّه الذي هو أفصح الكلام وأجله، ويعدل عن الوجه الكثير الفصيح.
وأما قراءة النصب والتنوين فإنها منصوبة على المصادر، والعامل فيها أفعال من لفظها، التقدير : فلا يرفث رفثا، ولا يفسق فسوقا، ولا يجادل جدالا. و : في الحج، متعلق بما شئت من هذه الأفعال على طريقة الإعمال والتنازع.
وأما قراءة الفتح في الثلاثة من غير تنوين، فالخلاف في الحركة، أهي حركة إعراب أو حركة بناء؟ الثاني قول الجمهور، والدلائل مذكورة في النحو، وإذا بنى معها على على الفتح فهل المجموع من لا والمبنى معها في موضع رفع على الابتداء؟ وإن كانت : لا، عاملة في الاسم النصب على الموضع، ولا خبر لها، أو ليس المجموع في موضع مبتدأ؟ بل.
لا، عاملة في ذلك الاسم النصب على الموضع، وما بعدها خبر : لا، إذا أجريت مجرى.
إن، في نصب الاسم ورفع الخبر، قولان للنحويين، الأول : قول سيبويه، والثاني :
الأخفش، فعلى هذين القولين يتفرّع إعراب : في الحج، فيكون في موضع خبر المبتدأ على مذهب سيبويه، وفي موضع خبر : لا، على مذهب الأخفش.
وأما قراءة من رفع ونون : فلا رفث ولا فسوق، وفتح من غير تنوين : ولا جدال، فعلى ما اخترناه من الرفع على الابتداء، وعلى مذهب سيبويه : إن المفتوح مع : لا، في