البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٩٨
مذهب عطاء، وقتادة، والزهري، والثوري، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
وقال الشافعي : إن خرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه، أو قبله افتدى، والفدية شاة.
ومطلق الأمر بالذكر لا يدل على ذكر مخصوص. قال بعضهم : وأولى الذكر أن يقول : اللهم كما وفقتنا فيه فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق فَإِذا أَفَضْتُمْ ويتلو إلى قوله : إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ثم بعد ذلك يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة.
والذي يظهر أن ذكر اللّه هنا هو الثناء عليه، والحمد له، ولا يراد بذكر اللّه هنا ذكر لفظة اللّه، وإنما المعنى : اذكروا اللّه بالألفاظ الدالة على تعظيمه، والثناء عليه، والمحمدة له. وعند منصوب بأذكروا، وهذا مما يدل على أن جواب : إذا، لا يكون عاملا فيها، لأن مكان إنشاء الإفاضة غير مكان الذكر، لأن ذلك عرفات، وهذا المشعر الحرام، وإذا اختلف المكانان لزم من ذلك ضرورة اختلاف الزمانين، فلا يجوز أن يكون الذكر عند المشعر الحرام واقعا وقت إنشاء الإفاضة.
وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ هذا الأمر الثاني هو الأول، وكرر على سبيل التوكيد والمبالغة في الأمر بالذكر، لأن الذكر من أفضل العبادات، أو غير الأول، فيراد به تعلقه بتوحيد اللّه، أي : واذكروه بتوحيده كما هداكم بهدايته، أو اتصال الذكر لمعنى : اذكروه ذكرا بعد ذكر، قال هذا القول محمد بن قاسم النحوي : أو الذكر المفعول عند الوقوف بمزدلفة غداة جمع، ويراد بالأول صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة، حكاه القاضي أبو يعلى.
والكاف في : كما، للتشبيه، وهي في موضع نصب إما على النعت لمصدر محذوف، وإما على الحال. وقد تقدّم هذا البحث في غير موضع.
والمعنى : أوجدوا الذكر على أحسن أحواله من مماثلته لهداية اللّه لكم، إذا هدايته إياكم أحسن ما أسدي إليكم من النعم، فليكن الذكر من الحضور والديمومة في الغاية حتى تماثل إحسان الهداية، ولهذا المعنى قال الزمخشري : أذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هدية حسنة. انتهى.
ويحتمل أن تكون الكاف للتعليل على مذهب من أثبت هذا المعنى للكاف، فيكون


الصفحة التالية
Icon