البحر المحيط، ج ٢، ص : ٣٢٧
خلاف ما في قلبه، لأن الذي في قلبه هو الكفر، وهو لا يحلف عليه، إنما يحلف على ضده، وهو الذي يعجب به. ويقوي هذا التأويل قراءة أبي حيوة، وابن محيصن، إذ معناها : ويطلع اللّه على ما في قلبه من الكفر الذي هو خلاف قوله.
وقراءة : ويستشهد، بجواز أن تكون فيها : استفعل، بمعنى : أفعل : نحو أيقن واستيقن، فيوافق قراءة الجمهور، وهو الظاهر، ويجوز أن تكون فيها : استفعل، بمعنى المجرد، فيكون استشهد بمعنى شهد، ويظهر إذ ذاك أن لفظ الجلالة منصوب على إسقاط حرف الجر، أي ويستشهد باللّه، كما تقول : ويشهد باللّه، ولا بد من الحذف حتى يصح المعنى، أي : ويستشهد باللّه على خلاف ما في قلبه، والظاهر أن قوله : ويشهد اللّه، معطوف على قوله : يعجبك، فهو صلة، أو صفة. وجوز أن تكون الواو واو الحال لا واو العطف، فتكون الجملة حالا من الفاعل المستكن في : يعجبك، أو : من الضمير المجرور في قوله. التقدير : وهو يشهد اللّه، فيكون ذلك قيدا في الإعجاب، أو في القول، والظاهر عدم التقييد، وأنه صلة، ولما يلزم في الحال من الإضمار للمبتدأ لأن المضارع المثبت، ومعه الواو، يقع حالا بنفسه، فأحتيج إلى إضمار كما احتاجوا إليه في قولهم : قمت وأصك عينه، أي وأنا أصك، والإضمار على خلاف الأصل.
وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ أي : أشد المخاصمين، فالخصام جمع خصم، قاله الزجاج، وإن أريد بالخصام المصدر، كما قاله الخليل، فلا بد من حذف مصحح لجريان الخبر على المبتدأ، إما من المبتدأ، أي : وخصامه ألدّ الخصام، وإما من متعلق الخبر، أي : وهو ألدّ ذوي الخصام، وجوز أن يراد هنا بالخصام المصدر على معنى اسم الفاعل، كما يوصف بالمصدر في : رجل خصم، وأن يكون أفعل لا للمفاضلة، كأنه قيل : وهو شديد الخصومة، وأن يكون هو ضمير الخصومة، يفسره سياق الكلام، أي : وخصامه أشدّ الخصام.
وتقاربت أقاويل المفسرين في : ألدّ الخصام، قال ابن عباس : معناه ذو الجدال، وقال الحسن : الكاذب المبطل، وقال قتادة : شديد القسوة في معصية اللّه، وقال السدي :
أعوج الخصومة. وقال مجاهد : لا يستقيم على حق في الخصومة.
والظاهر أن هذه الجملة الابتدائية معطوفة على صلة من، فهي صلة، وجوزوا أن


الصفحة التالية
Icon