البحر المحيط، ج ٢، ص : ٣٦٦
عوده على اللّه تعالى قراءة الجحدري فيما ذكر مكي لنحكم، بالنون، وهو متعين عوده على اللّه تعالى، ويكون ذلك التفاتا إذ خرج من ضمير الغائب في : أنزل، إلى ضمير المتكلم، وظن ابن عطية هذه القراءة تصحيفا قال، ما معناه لأن مكيا لم يحك عن الجحدري قراءته التي نقل الناس عنه، وهي : ليحكم، على بناء الفعل للمفعول، ونقل مكي لنحكم بالنون.
وفي القراءة التي نقل الناس من قوله : وليحكم، حذف الفاعل للعلم به، والأولى أن يكون اللّه تعالى.
قالوا : ويحتمل أن يكون الكتاب أو النبيون. وهي ظرف مكان، وهو هنا مجاز، وانتصابه بقوله : ليحكم، وفيما، متعلق به أيضا، و : فيه، الدين الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق..
قيل ويحتمل أن يكون الذي اختلفوا فيه محمد، صلى اللّه عليه وسلم، أو دينه، أو : هما، أو : كتابه.
وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ الضمير من قوله : وما اختلف فيه، يعود على ما عاد عليه في : فيه، الأولى، وقد تقدّم أنها عائدة على : ما، وشرح ما المعنى : بما، أهو الذين، أو محمد صلى اللّه عليه وسلم؟ أم دينه؟ أم هما؟ أم كتابه؟
والضمير في : أوتوه، عائد إذ ذاك على ما عاد عليه الضمير في : فيه، وقيل : الضمير في : فيه، عائد على الكتاب، وأوتوه عائد أيضا على الكتاب، التقدير : وما اختلف في الكتاب إلّا الذين أوتوه، أي : أوتوا الكتاب.
وقال الزجاج : الضمير في : فيه، الثانية يجوز أن يعود على النبي صلى اللّه عليه وسلم، أي : وما اختلف في النبي صلى اللّه عليه وسلم إلّا الذين أوتوه، أي : أوتوا علم نبوّته، فعلوا ذلك للبغي، وعلى هذا يكون الكتاب : التوراة، والذين أوتوه اليهود.
وقيل : الضمير في : فيه، عائد على ما اختلفوا فيه من حكم التوراة والقبلة وغيرهما، وقيل : يعود الضمير في : فيه، على عيسى صلى اللّه على نبينا وعليه.
وقال مقاتل : الضمير عائد على الدين، أي : وما اختلف في الدين. انتهى.
والذي يظهر من سياق الكلام وحسن التركيب أن الضمائر كلها في : أوتوه وفيه الأولى والثانية، يعود على : ما، الموصولة في قوله : وما اختلفوا فيه، وأن الذين اختلفوا فيه