البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٠٧
أو : الصفو، يقال أتاك عفوا، أي : صفوا بلا كدر، قال الشاعر :
خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
أو : ما فضل عن ألف درهم، أو : قيمة ذلك من الذهب، وكان ذلك فرض عليهم قبل فرض الزكاة، قاله، قتادة. أو : ما فضل عن الثلث، أو : عن ما يقوتهم حولا لذوي الزراعة، وشهرا لذوي الفلات، أو : عن ما يقوته يومه للعامل بهذه، وكانوا مأمورين بذلك، فشق عليهم، ففرضت الزكاة، أو : الصدقة المفروضة، قاله مجاهد، و : ما لا يستنفد المال ويبقى صاحبه يسأل الناس، قاله الحسن أيضا.
وقد روي في حديث الذي جاء يتصدّق ببيضة من ذهب، حدف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إياه بها
، وقوله :«يجيء أحدكم بماله كله يتصدّق به ويقعد يتكفف الناس، إنما الصدقة على ظهر غنى».
وفي حديث سعد :«لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس».
وقال الزمخشري : العفو نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد، واستفراغ الوسع وقال ابن عطية : المعنى : أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تؤدوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة وقال الراغب : العفو متناول لما هو واجب ولما هو تبرع، وهو الفضل عن الغنى، وقال الماتريدي : الفضل عن القوت.
وقرأ الجمهور : العفو، بالنصب وهو منصوب بفعل مضمر تقديره : قل ينفقون العفو، وعلى هذا الأولى في قوله : ماذا ينفقون؟ أن يكون ماذا في موضع نصب ينفقون، ويكون كلها استفهامية، التقدير : أي شيء ينفقون؟ فاجيبوا بالنصب ليطابق الجواب السؤال.
ويجوز أن تكون ما استفهامية في موضع رفع بالابتداء، وذا موصولة بمعنى الذي، وهي خبره، ولا يكون إذ ذاك الجواب مطابقا للسؤال من حيث اللفظ، بل من حيث المعنى، ويكون العائد على الموصول محذوفا لوجود شرط الحذف فيه، تقديره : ما الذي ينفقونه؟.
وقرأ أبو عمرو : قل العفو، بالرفع، والأولى إذ ذاك أن تكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : قل المنفق العفو، وأن يكون : ما، في موضع رفع بالإبتداء، و : ذا، موصول، كما قررناه ليطابق الجواب السؤال، ويجوز أن يكون ماذا كله استفهاما منصوبا بينفقون، وتكون المطابقة من حيث المعنى لا من جهة اللفظ، واختلف عن ابن كثير في العفو، فروي عنه النصب كالجمهور، والرفع كأبي عمرو.