البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥١٨
البين فيه إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً «١» قد بينا مجيء هذا على الجائز فيه، وأن محسن ذلك إنما هو كونه فاصلة، وقوله : إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً «٢» فائدة ذكر الزمخشري هذا أنه على زعمه أراد الليالي، والأيام داخلة معها، فأتى بقوله : إلّا يوما، للدلالة على ذلك، وهذا عندنا يدل على أن قوله : عشرا، إنما يريد بها الأيام، لأنهم اختلفوا في مدة اللبث، فقال قوم : عشر، وقال، أمثلهم طريقة : يوم، فقوله : إلّا يوما، مقابل لقولهم إلّا عشرا، ويبين أنه أريد بالعشر الأيام، إذ ليس من التقابل أن يقول بعضهم : عشر ليال، ويقول بعض : يوما.
وظاهر قوله : أربعة أشهر ما يقع عليه اسم الشهر، فلو وجبت العدّة مع رؤية الهلال لاعتدّت بالأهلة، كان الشهر تاما أو ناقصا. وإن وجبت في بعض شهر، فقيل : تستوفي مائة وثلاثين يوما، وقيل : تعتدّ بما يمر عليها من الأهلة شهورا، ثم تكمل الأيام الأول، وكلا القولين عن أبي حنيفة.
ولما كان الغالب على من مات عنها زوجها أن تعلم ذلك، فتعتد إثر الوفاة، جاء الفعل مسندا : إليهن، وأكد بقوله : بأنفسهن، فلو مضت عليها مدة العدة من حين الوفاة، وقامت على ذلك البينة، ولم تكن علمت بوفاته إلى أن انقضت العدة، فالذي عليه الجمهور أن عدتها من يوم الوفاة، وبه قال ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وعطاء والأسود بن يزيد، وفقهاء الأمصار.
وقال علي، والحسن البصري، وخلاس بن عمرو، وربيعة : من يوم يأتيها الخبر
. وكأنهم جعلوا في إسناد التربص إليهن تأثيرا في العدة. وروي عن سعيد بن المسيب، والشافعي : أنهما قالا : إذا قامت البينة فالعدة من يوم يموت، وإن لم تقم بينة فمن يوم يأتيها الخبر.
وروي عن الشافعي مثل قول الجمهور، وأجمعوا على أن المعتدة، لو كانت حاملا لا تعلم بوفاة الزوج حتى وضعت الحمل، أن عدتها منقضية، ولم تتعرض الآية في المتوفى عنها زوجها إلّا لأن تتربص تلك المدة، فلا نفقة لها في مدة العدة من رأس المال، ولو كانت حاملا، قاله جابر، وابن عباس، وابن المسيب، وعطاء، والحسن، وعكرمة، وعبد الملك بن يعلى، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وروي عن أبي حنيفة.
(١) سورة طه : ٢٠/ ١٠٣.
(٢) سورة طه : ٢٠/ ١٠٤.