البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٥٧
وجد الزوج وإقتاره، ولم يعين المقدار، بل قال : إن ذلك بالمعروف، وهو الذي ألف عادة وشرعا، وأن ذلك حق على من كان محسنا. ثم ذكر أنه إذا طلق قبل المسيس وبعد الفرض فإنه ينتظر المسمى، فيجب لها نفس الصداق إلّا إن عفت المرأة فلم تأخذ منه شيئا، أو عفا الزوج فأدى إليها الصداق كاملا إذا كان الطلاق إنما كان من جهته، ثم ذكر أن العفو من أي جهة كان منهما أقرب لتحصيل التقوى للعافي، إذ هو : إما بين تارك حقه، أو باذل فوق الحق. ثم نهى عن نسيان الفضل، ففي هذا النهي الأمر بالفضل.
ثم ختم ذلك بأنه بصير بجميع أعمالهم، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
ولما ذكر تعالى أحكام النكاح، وكادت تستغرق المكلف، نبه تعالى على أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى اللّه تعالى المكلف، وأمر بالمحافظة عليها وهي :
الصلوات، وخص الوسطى منها بالذكر تنبيها على فضلها، ومن تسميتها بالوسطى تبين تمييزها على غيرها، وهي بلا شك صلاة العصر، ثم أمر بالقيام للّه متلبسين بطاعته، ثم للمبالغة في توكيد إيجاب الصلوات لم يسامح بتركها حالة الخوف، بل أمر أن تؤدّى في تلك الحال، سواء كان الخائف ماشيا أو راكبا، وإن كان في ذلك بعض اختلال لشروطها ثم أمر أن تؤدّى على حالها الأول من إتمام شروطها، وهيآتها إذا أمن الخائف، وأن يؤديها على الحالة التي علمه اللّه في أدائها قبل الخوف.
وذكر أن اللواتي يتوفى عنهنّ أزواجهنّ لهن وصية بتمتيع إلى انقضاء حول من وفاة الأزواج، وأنهنّ لا يخرجن من بيوتهنّ في ذلك الحول، فإن اخترن الخروج فخرجن، فلا جناح على متولي أمرها فيما فعلت في نفسها، ثم أعلم أنه عزيز لا يغلب ويقهر، حكيم بوضع الأشياء مواضعها.
ثم ذكر تعالى أن للمطلقات متاعا مما عرف شرعا وعادة، واقتضى ذلك عموم كل مطلقة، وأن ذلك المتاع حق على من اتقى.
ولما كان تعالى قد بين عدة أحكام فيما تقدّم من الآيات، أحال على ذلك التبيين، وشبه التبيين الذي قد يأتي لسائر الآيات بالتبيين الذي سبق. وان التبيين هو لرجائكم أن تعقلوا عن اللّه أحكامه فتجتنبوا ما نهى تعالى عنه، وتمتثلوا ما به أمر تعالى.