البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٦١
قالت سليمى اشتر لنا سويقا واشتر فعجل خادما لبيقا
ويجوز أن يكون من إجراء الوصل مجرى الوقف، وقد جاء في القرآن : كإثبات ألف :
الظُّنُونَا والسَّبِيلَا والرَّسُولَا في الوصل.
وهؤلاء الذين خرجوا قوم من بني إسرائيل أمروا بالجهاد، فخافوا القتل، فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك، فأماتهم اللّه ليعرّفهم أنه لا ينجيهم من الموت شيء، ثم أحياهم وأمرهم بالجهاد بقوله : وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية.
وقيل : قوم من بني إسرائيل وقع فيهم الوباء فخرجوا فرارا منه، فأماتهم اللّه فينى عليهم سائر بني إسرائيل حائطا حتى إذا بليت عظامهم بعث اللّه حزقيل فدعا اللّه فأحياهم له. حكى هذا قوم من اليهود لعمر بن الخطاب.
وقال السدّي : هم أمّة كانت قبل واسط في قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون، فهربوا منه، فأماتهم اللّه، ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أن لا مفر من قضاء اللّه. وقيل : مر عليهم حزقيل بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم، وتفرّقت أوصالهم، فلوى شدقه وأصابعه تعجبا مما رأى. فأوحى إليه : ناد فيهم أن قوموا بإذن اللّه. فنادى، فنظر إليهم قياما يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله لا أنت. وممن قال فرّوا من الطاعون :
الحسن، وعمار بن دينار.
وقيل : فروا من الحمى، حكاه النقاش.
وقد كثر الاختلاف والزيادة والنقص في هذه القصص، واللّه أعلم بصحة ذلك، ولا تعارض بين هذه القصص، إلّا أن عين أن الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ هم من ذكر في القصة لا غير، وإلّا فيجوز أن ذكرت كل قصة على سبيل المثال، إذ لا يمتنع أن يفر ناس من الجهاد، وناس من الطاعون، وناس من الحمى، فيميتهم ثم يحييهم ليعتبروا بذلك، ويعتبر من يأتي بعدهم، وليعلموا جميعا أن الإماتة والإحياء بيد اللّه، فلا ينبغي أن يخاف من شيء مقدّر، ولا يغتر فطن بحيلة أنها تنجيه مما شاء اللّه.
وَهُمْ أُلُوفٌ في هذا تنبيه على أن الكثرة والتعاضد، وإن كانا نافعين في دفع الأذيات الدنيوية، فليسا بمغنيين في الأمور الإلهية. وهي جملة حالية، وألوف جمع ألف جمع كثرة، فناسب أن يفسر بما زاد على عشرة آلاف، فقيل : ستمائة ألف. وقال عطاء :