البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٦٧
وانتصب : أضعافا، على الحال من الهاء في : يضاعفه، قيل : ويجوز أن ينتصب على أنه مفعول به، تضمن معنى فيضاعفه : فيصيره. ويجوز أن ينتصب على المصدر باعتبار أن يطلق الضعف، وهو المضاعف أو المضعف، بمعنى المضاعفة أو التضعيف، كما أطلق العطاء وهو اسم المعطى بمعنى الإعطاء، وجمع لاختلاف جهات التضعيف باعتبار الإخلاص، وهذه المضاعفة غير محدودة لكنها كثيرة.
قال الحسن، والسدّي : لا يعلم كنه التضعيف إلّا اللّه تعالى : وهو قول ابن عباس، وقد رويت مقادير من التضعيف، وجاء في القرآن : كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ «١» ثم قال : وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ «٢».
قيل والآية عامّة في سائر وجوه البرّ من : صدقة، وجهاد، وغير ذلك، وقيل : خاصة بالنفقة في الجهاد، وقيل : بالصدقة وإنفاق المال على الفقراء المحتاجين.
وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ أي : يسلب قوما ويعطي قوما، أو : يقتر ويوسع، قاله الحسن، أو : يقبض الصدقات ويخلف البذل مبسوطا، أو : يقبض أي : يميت لأن من أماته فقد قبضه، ويبسط أي : يحييه، لأن من مدّ له في عمره فقد بسطه، أو : يقبض بعض القلوب فلا تنبسط، ويبسط بعضها فيقدّم خيرا لنفسه، أو : يقبض بتعجيل الأجل، ويبسط بطول الأمل، أو : يقبض بالحظر ويبسط بالإباحة، أو : يقبض الصدر ويوسعه، أو يقبض يد من يشاء بالإنفاق في سبيله، ويبسط يد من يشاء بالإنفاق قاله أبو سليمان الدمشقي وغيره، أو : يقبض الصدقة ويبسط الثواب، قاله الزجاج. وللمتصوّفة في : القبض والبسط، أقاويل كثيرة غير هذه.
وقرأ حمزة بخلاف عن خلاد، وحفص، وهشام، وقنبل، والنقاش، عن الأخفش هنا، وأبو قرّة عن نافع : يبسط بالسين، وخير الحلواني، عن قالون، عن نافع، والباقون : بالصاد.
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
خبر معناه الوعيد أي : فيجازيكم بأعمالكم.
قيل : وتضمنت هذه الآية الكريمة من ضروب علم البيان، وصنوف البلاغة :
الاستفهام الذي أجري مجرى التعجب في قوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ والحذف بين : موتوا ثم أحياهم، أي : فماتوا ثم أحياهم، وفي قوله تعالى : فقال لهم اللّه، أي : ملك اللّه بإذنه،

_
(١ - ٢) سورة البقرة : ٢/ ٢٦١.


الصفحة التالية
Icon