البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٩٠
وقال : ينعت بما بعد : إلّا، الظاهر والمضمر، ومنهم من قال : لا ينعت به إلّا النكرة أو المعرفة بلام الجنس، فإن كان معرفة بالإضافة نحو : قام إخوتك، أو بالألف واللام للعهد، أو بغير ذلك من وجوه التعاريف غير لام الجنس، فلا يجوز الاتباع، ويلزم النصب على الاستثناء. ومنهم من قال : إن النحويين يعنون بالنعت هنا عطف البيان، ومن الاتباع بعد الموجب قوله :
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلّا الفرقدان
وهذه المسألة مستوفاة في علم النحو.
وإنما أردنا أن ننبه على أن تأويل الزمخشري هذا الموجب بمعنى النفي لا نضطر إليه، وأنه كان غير ذاكر لما قرره النحويون في الموجب.
فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ظاهره أنه ما جاوز النهر إلّا هو والمؤمنون، وكذلك روي عن ابن عباس، والسدي : أن الذين شربوا وخالفوا انحرفوا، ولم يجاوزوا، وقيل : بل كلهم جاوز لكن لم يحضر القتال إلّا القليل.
وجاوز : فاعل فيه بمعنى فعل، أي جاز. والذين آمنوا معه : عدة أهل بدر وقال ابن عباس، والسدي : جاز معه أربعة آلاف. قال ابن عباس : منهم من شرب، قالا : فلما نظروا إلى جالوت وجنوده، قالوا لا طاقة لنا اليوم، ورجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون، وأكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلّا غرفة. ومن لم يشرب جملة. ثم اختلفت بصائر هؤلاء، فبعض كع، وقليل صمم، و : هو، توكيد للضمير المستكن في جاوزه، و : الذين، يحتمل أن يكون معطوفا على الضمير المستكن، ويحتمل أن تكون الواو للحال ويلزم من الحال أن يكونوا جاوزوا معه، والأظهر أن يكون للعطف وإدغام جاوزه في هو ضعيف، ولا يستحسن، إلّا ان كانت الهاء مختلسة لا إمالة لها.
قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قائل ذلك الكفرة الذين انخذلوا، وهو الفاعل في شربوا، قاله ابن عباس والسدي. وقيل : من قلت بصيرته من المؤمنين، وهم الذين جاوزوا النهر وهم القليل، قاله الحسن، وقتادة، والزجاج.
طاقة : من الطوق، وهو القوة، وهو من : أطاق، كأطاع طاعة، وأجاب جابة، وأغار غارة. ويتعلق : لنا، بمحذوف إذ هو في موضع الخبر، ولا يجوز أن يتعلق : بطاقة، لأنه


الصفحة التالية
Icon