البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٣٣ عروشها، وقيل : في موضع الصفة لقرية، أي : مر على قرية كائنة على عروشها وهي خاوية.
قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها قيل : لما خرّب بخت نصر البابلي بيت المقدس، حين أحدثت بنو إسرائيل الأحداث، وقف أرمياء، أو عزير، على القرية وهي كالتل العظيم وسط بيت المقدس، لأن بخت نصر أمر جنده بنقل التراب إليه حتى جعله كالجبل، فقال هذا الكلام.
قال الزمخشري : والمارّ كان كافرا بالبعث وهو الظاهر لانتظامه مع نمروذ في سلك، ولكلمة الاستبعاد التي هي : أنّى يحيي، وقيل : عزير، أو : الخضر، أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة كما طلبه إبراهيم. انتهى.
وقال أبو علي : لا يجوز أن يكون نبيا لأن مثل هذا الشك لا يقع للأنبياء. والإحياء والإماتة هنا مجازان، عبر بالإحياء عن العمارة، وبالموت عن الخراب. وقيل : حقيقتان فيكون ثم مضاف محذوف تقديره : أنّى يحيي أهل هذه القرية، أو يكون هذه إشارة إلى ما دل عليه المعنى من عظام أهلها البالية، وجثثهم المتمزقة، وأوصالهم المتفرقة، فعلى القول بالمجاز يكون قوله : أنّى يحيي على سبيل التلهف من الواقف المعتبر على مدينته التي عهد فيها أهله وأحبته، وضرب له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه، وعلى القول الثاني يكون قوله : أنّى يحيي اعترافا بالعجز عن معرفة طريقة الإحياء واستعظاما لقدرة المحيي، وليس ذلك على سبيل الشك. وحكى الطبري عن بعضهم أنه قال : كان هذا القول شكا في قدرة اللّه على الإحياء، فلذلك ضرب له المثل في نفسه.
فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه وجعل له الحركة والانتقال.
قيل : لما مر سبعون سنة من موته، وقد منعه من السباع والطير، ومنع العيون أن تراه، أرسل اللّه ملكا إلى ملك من ملوك فارس عظيم يقال له لوسك، فقال له : إن اللّه يأمرك أن تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيلياء وأرضها حتى تعود أحسن ما كانت، فانتدب الملك قيل ثلاثة آلاف قهرمان مع كل قهرمان ألف عامل، وجعلوا يعمرونها، وأهلك اللّه بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه، ونجى اللّه من بقي من بني إسرائيل وردّهم إلى بيت المقدس ونواحيه فعمروها ثلاثين سنة، وكثروا حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه.
قالَ كَمْ لَبِثْتَ. الظاهر أن القائل هو اللّه تعالى لقوله : كَيْفَ نُنْشِزُها وقيل :


الصفحة التالية
Icon