البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٥٤
وأظهر تاء التأنيث عند السين : الحرميان، وعاصم، وابن ذكوان، وأدغم الباقون.
ولتقارب السين من التاء أبدلت منها : النات، والأكيات في : الناس، والأكياس.
ونسب الإنبات إلى الحبة على سبيل المجاز، إذ كانت سببا للإنبات، كما ينسب ذلك إلى الماء والأرض، والمنبت هو اللّه، والمعنى : أن الحبة خرج منها ساق، تشعب منها سبع شعب، في كل شعبة سنبلة، في كل سنبلة مائة حبة، وهذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها ماثلة بين عيني الناظر، قالوا : والممثل به موجود، شوهد ذلك في سنبلة الجاورس.
وقال الزمخشري : هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المغلة، فبلغ حبها هذا المبلغ، ولو لم يوجد لكان صحيحا في سبيل الفرض والتقدير انتهى كلامه.
وقال ابن عيسى : ذلك يتحقق في الدخن، على أن التمثيل يصح بما يتصور، وإن لم يعاين. كما قال الشاعر :
فما تدوم على عهد تكون به كما تلوّن في أثوابها الغول
انتهى كلامه. وكما قال امرؤ القيس :
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وخص سبعا من العدد لأنه كما ذكر، وأقصى ما تخرجه الحبة من الأسؤق. وقال ابن عطية : قد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة، وأما في سائر الحبوب فأكثر، ولكن المثال وقع بمائة، وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشرة أمثالها، واقتضت هذه الآية أن نفقة الجهاد بسبعمائة ضعف، ومن ذلك الحديث الصحيح. انتهى ما ذكره.
وقيل : واختص هذا العدد لأن السبع أكثر أعداد العشرة، والسبعين أكثر أعداد المائة، وسبع المائة أكثر أعداد الألف، والعرب كثيرا ما تراعي هذه الأعداد. قال تعالى :
سَبْعَ سَنابِلَ وسَبْعَ لَيالٍ «١» وسَبْعَ سُنْبُلاتٍ «٢» وسَبْعَ بَقَراتٍ «٣» و
(١) سورة الحاقة : ٦٩/ ٧.
(٢) سورة يوسف : ١٢/ ٤٣ و٤٦.
(٣) سورة يوسف : ١٢/ ٤٣ و٤٦.