البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٧٦
فعف عن أسرارها بعد الغسق ولم يدعها بعد فرك وعشق
السيما : العلامة، ويمد ويقال : بالسيمياء، كالكيمياء. قال الشاعر :
غلام رماه اللّه بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
وهو من الوسم، والسمة العلامة، جعلت فأوه مكان عينه، وعينه مكان فائه، وإذا مدّ :
سيمياء، فالهمزة فيه للإلحاق لا للتأنيث.
الإلحاف : الإلحاح واللجاج في السؤال، ويقال : ألحف وأحفى، واشتقاق :
الإلحاف، من اللحاف، لأنه يشتمل على وجوه الطلب في كل حال، وقيل : من : ألحف الشيء إذا غطاه وعمه بالتغطية، ومنه اللحاف. ومنه قول أبن أحمر :
يظل يحفهنّ بقفقفيه ويلحفهنّ هفهافا ثخينا
يصف ذكر النعام يحضن بيضا بجناحيه، ويجعل جناحه كاللحاف. وقال الشاعر :
ثم راحوا عبق المسك بهم يلحفون الأرض هدّاب الأزر
أي : يجعلونها كاللحاف للأرض، أي يلبسونها إياها. وقيل : اشتقاقه من لحف الجبل لما فيه من الخشونة، وقيل : من قولهم : لحفني من فضل لحافه، أي : أعطاني من فضل ما عنده.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ تضافرت النصوص في الحديث على أن سبب نزول هذه الآية هو أنهم لما أمروا بالصدقة كانوا يأتون بالأقناء من التمر فيعلقونها في المسجد ليأكل منها المحاويج، فجاء بعض الصحابة بحشف، وفي بعض الطرق : بشيص، وفي بعضها : برديء، وهو يرى أن ذلك جائز، فنزلت. وهذا الخطاب بالأمر بالإنفاق عامّ لجميع هذه الأمّة.
قال علي، وعبيدة السلماني، وابن سيرين : هي في الزكاة المفروضة
، وأنه كما يجوز التطوّع بالقليل فله أن يتطوع بنازل في القدر، ودرهم زائف خير من تمرة، فالأمر على هذا للوجوب.
والظاهر من قول البراء بن عازب، والحسن، وقتادة : أنها في التطوع، وهو الذي يدل عليه سبب النزول ندبوا إلى أن لا يتطوّعوا إلّا بجيد مختار.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه لما ذكر فضل النفقة في سبيل اللّه وحث عليها،