البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٨٤
وقاله مجاهد. وقال الحسن : الورع في دين اللّه، وقال الربيع بن أنس : الخشية، وقال ابن زيد، وأبوه زيد بن أسلم : العقل في أمر اللّه. وقال شريك :
الفهم. وقال ابن قتيبة : العلم والعمل، لا يسمى حكيما حتى يجمعهما. وقال مجاهد أيضا : الكتابة. وقال ابن المقفع : ما يشهد العقل بصحته، وقال القشيري :
وقال فيما روى عنه ابن القاسم : التفكر في أمر اللّه والاتباع له، وقال أيضا : طاعة اللّه والفقه والدين والعمل به. وقال عطاء : المغفرة. وقال أبو عثمان : نور يفرق به بين الوسواس والمقام. ووجدت في نسخة : والإلهام بدل المقام. وقال القاسم بن محمد : أن يحكم عليك خاطر الحق دون شهوتك. وقال بندار بن الحسين : سرعة الجواب مع إصابة الصواب. وقال المفضل : الردّ إلى الصواب. وقال الكتاني : ما تسكن إليه الأرواح. وقيل إشارة بلا علة، وقيل : إشهاد الحق على جميع الأحوال. وقيل : صلاح الدين وإصلاح الدنيا. وقيل : العلم اللدني. وقيل : تجريد السر لورود الإلهام. وقيل :
التفكر في اللّه تعالى، والاتباع له. وقيل : مجموع ما تقدّم ذكره : فهذه تسع وعشرون مقالة لأهل العلم في تفسير الحكمة.
قال ابن عطية، وقد ذكر جملة من الأقوال في تفسير الحكمة ما نصه : وهذه الأقوال كلها، ما عدا قول السدي، قريب بعضها من بعض، لأن الحكمة مصدر من الإحكام وهو الإتقان في عمل أو قول، وكتاب اللّه حكمة، وسنة نبيه حكمة، وكل ما ذكر فهو جزء من الحكمة التي هي الجنس. انتهى كلامه.
وقد تقدّم تفسير الحكمة في قوله : وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ «١» فكان يغني عن إعادة تفسيرها هنا، إلّا أنه ذكرت هنا أقاويل لم يذكرها المفسرون هناك، فلذلك فسرت هنا.
وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ قرأ الجمهور مبنيا للمفعول الذي لم يسم فاعله، وهو ضمير :
من، وهو المفعول الأول : ليؤت. وقرأ يعقوب : ومن يؤت، بكسر التاء مبنيا للفاعل. قال الزمخشري : بمعنى ومن يؤته اللّه. انتهى.
فإن أراد تفسير المعنى فهو صحيح، وإن أراد تفسير الإعراب فليس كذلك، ليس في يؤت ضمير نصب حذف، بل مفعوله مقدّم بفعل الشرط، كما تقول : أيا تعط درهما أعطه درهما.

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ١٢٩. [.....]


الصفحة التالية
Icon