البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧١٧
ضميرا تقديره : هو، أي : الغريم، يدل على إضماره ما تقدم من الكلام، لأن المرابي لا بد له ممن يرابيه.
وقرىء : ومن كان ذا عسرة، وهي قراءة أبان بن عثمان. وحكى المهدوي أن في مصحف عثمان : فإن كان، بالفاء، فمن نصب ذا عسرة أو قرأ معسرا، وذلك بعد : إن كان، فقيل : يختص بأهل الربا. ومن رفع فهو عام في جميع من عليه دين وليس بلازم، لأن الآية إنما سيقت في أهل الربا، وفيهم نزلت.
وقيل : ظاهر الآية يدل على أن الأصل الإيسار، وأن العدم طارئ جاذب يحتاج إلى أن يثبت.
فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ قرأ الجمهور : فنظرة، على وزن نبقة. وقرأ أبو رجاء، ومجاهد، والحسن، والضحاك، وقتادة : بسكون الظاء وهي لغة تميمية، يقولون في : كبد كبد. وقرأ عطاء : فناظرة، على وزن : فاعلة وخرجه الزجاج على أنها مصدر كقوله تعالى :
لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ «١» وكقوله : تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ «٢» وكقوله : يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ «٣» وقال : قرأ عطاء : فناظره، بمعنى : فصاحب الحق ناظره، أي : منتظره، أو :
صاحب نظرته، على طريقة النسب، كقولهم : مكان عاشب، وباقل، بمعنى : ذو عشب وذو بقل. وعنه : فناظره، على الأمر بمعنى : فسامحه بالنظرة، وباشره بها. انتهى. ونقلها ابن عطية. وعن مجاهد : جعلاه أمرا، والهاء ضمير الغريم. وقرأ عبد اللّه : فناظروه، أي :
فأنتم ناظروه. أي : فأنتم منتظروه.
فهذه ست قراءات، ومن جعله اسم مصدر أو مصدرا فهو يرتفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : فالأمر والواجب على صاحب الدين نظرة منه لطلب الدين من المدين إلى ميسرة منه.
وقرأ نافع وحده : ميسرة، بضم السين، والضم لغة أهل الحجاز، وهو قليل كمقبرة، ومشرفة، ومسربة. والكثير مفعلة بفتح العين. وقرأ الجمهور بفتح السين على اللغة الكثيرة، وهي لغة أهل نجد. وقرأ عبد اللّه : إلى ميسوره، على وزن مفعول مضافا إلى ضمير الغريم، وهو عند الأخفش مصدر كالمعقول والمجلود في قولهم : ما له معقول

_
(١) سورة الواقعة : ٥٦/ ٢.
(٢) سورة القيامة : ٧٥/ ٢٥.
(٣) سورة غافر : ٤٠/ ١٩.


الصفحة التالية