البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٢٧
قال ابن عطية : ولا يصح عن ابن عباس، وكيف تشهد البينة على شيء ويدخل مالا في ذمّة السفيه، بإملاء الذي له الدين، هذا شيء ليس في الشريعة.
قال الراغب : لا يجوز أن يكون ولي الحق كما قال بعضهم، لأن قوله لا يؤثر إذ هو مدّع.
و : بالعدل، متعلق بقوله : فليملل، ويحتمل أن تكون الباء للحال، وفي قوله :
بالعدل، حث على تحريه لصاحب الحق، والمولى عليه، وقد استدل بهذه الآية على جواز الحجر على الصغير، واستدل بها على جواز تصرف السفيه، وعلى قيام ولاية التصرفات له في نفسه وأمواله.
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ أي : اطلبوا للإشهاد شهيدين، فيكون استفعل للطلب، ويحتمل أن يكون موافقة أفعل أي : وأشهدوا، نحو : استيقن موافق أيقن، واستعجله بمعنى أعجله. ولفظ : شهيد، للمبالغة، وكأنهم أمروا بأن يستشهدوا من كثرت منه الشهادة، فهو عالم بمواقع الشهادة وما يشهد فيه لتكرر ذلك منه، فأمروا بطلب الأكمل، وكان في ذلك إشارة إلى العدالة، لأنه لا يتكرر ذلك من الشخص عند الحكام إلّا وهو مقبول عندهم.
من رجالكم، الخطاب للمؤمنين، وهم المصدّر بهم الآية، ففي قوله : من رجالكم، دلالة على أنه لا يستشهد الكافر، ولم تتعرض الآية لشهادة الكفار بعضهم على بعض، وأجاز ذلك أبو حنيفة. وإن اختلفت مللهم، وفي ذلك دلالة على اشتراط البلوغ، واشتراط الذكورة في الشاهدين.
وظاهر الآية أنه : يجوز شهادة العبد، وهو مذهب شريح، وابن سيرين، وابن شبرمة، وعثمان البتي، وقيل عنه : يجوز شهادته لغير سيده. وروي عن علي أنه كان يقول : شهادة العبد على العبد جارية جائزة
. وروى المغيرة عن إبراهيم أنه كان يجيز شهادة المملوك في الشيء التافه. وروي عن أنس أنه قال : ما أعلم أن أحدا ردّ شهادة العبد. وقال الجمهور :
أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وابن شبرمة في إحدى الروايتين، ومالك، وابن صالح، وابن أبي ليلى، والشافعي : لا تقبل شهادة العبد في شيء. وروي ذلك عن علي
، وابن عباس، والحسن.
وظاهر الآية يدل على أن شهادة الصبيان لا تعتبر، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة


الصفحة التالية
Icon