البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٢٩
لا يجيزون حذف خبر كان لا اقتصارا ولا اختصارا. وقرىء شاذا : وامرأتان، بهمزة ساكنة، وهو على غير قياس، ويمكن أن سكنها تخفيفا لكثرة توالي الحركات وجاء نظير تخفيف هذه الهمزة في قول الشاعر :
يقولون جهلا ليس للشيخ عيّل لعمري لقد أعيلت وأن رقوب
يريد : وأنا رقوب، قيل : خفف الهمزة بإبدالها ألفا ثم همزة بعد ذلك، قالوا : الخأتم، والعألم.
وظاهر الآية يقتضي جواز شهادة المرأتين مع الرجل في سائر عقود المداينات، وهي كل عقد وقع على دين سواء كان بدلا أم بضعا، أم منافع أم دم عمد، فمن ادّعى خروج شيء من العقود من الظاهر لم يسلم له ذلك إلّا بدليل.
وقال الشافعي : لا تجوز شهادة النساء مع الرجال في غير الأموال، ولا يجوز في الوصية إلّا الرجل، ويجوز في الوصية بالمال.
وقال الليث : تجوز شهادة النساء في الوصية والعتق، ولا تجوز في النكاح ولا الطلاق ولا قتل العمد الذي يقاد منه.
وقال الأوزاعي : لا تجوز شهادة رجل وامرأتين في نكاح. وقال الحسن بن حيى :
لا تجوز شهادتهنّ في الحدود. وقال الثوري : تجوز في كل شيء إلّا الحدود.
وقال مالك لا تجوز في الحدود ولا القصاص، ولا الطلاق ولا النكاح، ولا الأنساب ولا الولاء ولا الإحصان، وتجوز في الوكالة والوصية إذا لم يكن فيها عتق. وقال الحسن، والضحاك : لا تجوز شهادتهنّ إلّا في الدين. وقال عمر، وعطاء، والشعبي : تجوز في الطلاق. وقال شريح : تجوز في العتق، وقال عمر، وابنه عبد اللّه : تجوز شهادة الرجل والمرأتين في النكاح. وقال علي : تجوز في العقد
. وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وعثمان البتي : لا تقبل شهادة النساء مع الرجال في الحدود والقصاص، وتقبل فيما سوى ذلك من سائر الحقوق. وأدلة هذه الأقوال مذكورة في كتب الفقه.
وأما قبول شهادتهنّ مفردات فلا خلاف في قبولها في : الولادة، والبكارة، والاستهلال، وفي عيوب النساء الإماء وما يجري مجرى ذلك مما هو مخصوص بالنساء.
وأجاز أبو حنيفة شهادة الواحدة العادلة في رؤية الهلال إذ هو عنده من باب الإخبار، وكذلك شهادة القابلة مفردة.