البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٣٢
شهادتهم فأت به، وإلّا أجزنا شهادتهم عليك. وقال الشافعي : يسأل عنه في السرّ، فإذا عدل سأل عن تعديله في العلانية.
وأما ما ذكر من اعتبار نفي التهمة عن الشاهد إذا كان عدلا، فاتفق فقهاء الأمصار على بطلان شهادة الشاهد لولده ووالده إلّا ما حكي عن البتي، قال : تجوز شهادة الولد لوالديه، والأب لأبنه وامرأته، وعن إياس بن معاوية أنه أجاز شهادة رجل لأبنه. وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، ومالك، والأوزاعي، والليث إلى أنه : لا يجوز شهادة أحد الزوجين للآخر. وعن أبي حنيفة : لا تجوز شهادة الأجير الخاص لمستأجره، وتجوز شهادة الأجير المشترك له. وقال مالك : لا تجوز شهادة الأجير لمن استأجره إلّا أن يكون مبرزا في العدالة. وقال الأوزاعي : لا تجوز مطلقا. وقال الثوري : تجوز إذا كان لا يجر إلى نفسه منفعة.
ومن ردت شهادته لمعنى، ثم زال ذلك المعنى، فهل تقبل تلك الشهادة فيه؟
قال أبو حنيفة، وأصحابه : لا تقبل إذا ردّت لفسق أو زوجية، وتقبل إذا ردّت لرق أو كفر أو صبي. وقال مالك : لا تقبل إن ردت لرق أو صبي. وروي عن عثمان بن عفان مثل هذا.
وظاهر الآية : أن الشهود في الديون رجلان، أو رجل وامرأتان، ممن ترضون، فلا يقضى بشاهد واحد ويمين، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وابن شبرمة، والثوري والحكم، والأوزاعي. وبه قال عطاء، وقال : أول من قضى به عبد الملك بن مروان، وقال الحكم : أوّل من حكم به معاوية.
واختلف عن الزهري، فقيل، قال : هذا شيء أحدثه الناس لا بدّ من شهيدين، وقال أيضا : ما أعرفه، وإنها البدعة، وأول من قضاه معاوية، وروي عنه أنه أول ما ولي القضاء حكم بشاهد ويمين وقال مالك، والشافعي وأتباعهما، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد :
يحكم به في الأموال خاصة، وعليه الخلفاء الأربعة وهو عمل أهل المدينة، وهو قول أبيّ بن كعب، ومعاوية، وأبي سلمة، وأبي الزياد، وربيعة.
أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى قرأ الأعمش، وحمزة : إن تضل بكسر الهمزة، جعلها حرف شرط. فتذكر، بالتشديد ورفع الراء وجعله جواب الشرط.