البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٣٧
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير للكتاب، و : أن تكتبوه، مختصرا أو مشبعا، ولا يخل بكتابته. انتهى. وهذا الذي قاله فيه بعد.
وقرأ السلمى : ولا يسأموا، بالياء وكذلك : أن يكتبوه، والظاهر في هذه القراءة أن يكون ضمير الفاعل عائدا على الشهداء، ويجوز أن يكون من باب الالتفات، فيعود على المتعاملين أو على الكتاب. وانتصاب : صغيرا أو كبيرا، على الحال من الهاء في : أن تكتبوه، وأجاز السجاوندي نصب : صغيرا، على أن يكون خبرا لكان مضمرة، أي : كان صغيرا، وليس موضع إضمار كان، ويتعلق : إلى أجله، بمحذوف لا تكتبوه لعدم استمرار الكتابة إلى أجل الدين، إذ ينقضي في زمن يسير، فليس نظير : سرت إلى الكوفة، والتقدير : أن تكتبوه مستقرا في الذمة إلى أجل حلوله.
ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ الإشارة إلى أقرب مذكور وهو الكتابة، وقيل الكتابة والاستشهاد وجميع ما تقدّم مما يحصل به الضبط، و : أقسط، أعدل قيل : وفيه شذوذ، لأنه من الرباعي الذي على وزن : أفعل، يقال : أقسط الرجل أي عدل، ومنه وأقسطوا، وقد راموا خروجه عن الشذوذ الذي ذكروه، بأن يكون : أقسط، من قاسط على طريقة النسب بمعنى : ذي قسط، قاله الزمخشري.
وقال ابن عطية : انظر هل هو من قسط بضم السين، كما تقول : أكرم من كرم.
انتهى. وقيل : من القسط بالكسر، وهو العدل، وهو مصدر لم يشتق منه فعل، وليس من الإقساط، لأن أفعل لا يبنى من الافعال.
وقال الزمخشري : فإن قلت : مم بنى أفعلا التفضيل. أعني : أقسط. وأقوم؟
قلت : يجوز على مذهب سيبويه أن يكونا مبنيين من أقسط وأقام. انتهى.
لم ينص سيبويه على أن أفعل التفضيل. بني من أفعل، إنما يؤخذ ذلك بالاستدلال، لأنه نص في أول كتابه على أن بناء أفعل للتعجب يكون من : فعل وفعل وفعل وأفعل، فظاهر هذا أن أفعل الذي للتعجب يبني من أفعل، ونص النحويون على أن ما يبنى منه أفعل للتعجب يبني منه أفعل التفضيل، فما انقاس في التعجب : انقاس في التفضيل، وما شذ فيه شذ فيه.
وقد اختلف النحويون في بناء أفعل للتعجب على ثلاثة مذاهب : الجواز، والمنع، والتفضيل. بين أن يكون الهمزة للنقل فلا يبنى منه أفعل للتعجب، أو لا تكون للنقل،


الصفحة التالية
Icon