البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٤٨
إلى اتباعه، وأتى بلفظة على للإعلام أن لصاحب الحق مقالا واستعلاء، وفي قوله : أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى. وفي قوله : واتقوا اللّه، ويعلمكم اللّه، واللّه.
والحذف في قوله : يا أيها الذين آمنوا، حذف متعلق الإيمان. وفي قوله : مسمى، أي بينكم فليكتب الكاتب، أن يكتب الكتاب كما علمه اللّه الكتابة والخط، فليكتب كتاب الذي عليه الحق ما عليه من الدين، وليتق اللّه ربه في إملائه سفيها في الرأي أو ضعيفا في البينة، أو لا يستطيع أن يمل هو لخرس أو بكم فليملل الدين وليه على الكاتب، واستشهدوا إذا تعاملتم من رجالكم المعينين للشهادة المرضيين، فرجل مرضي وامرأتان مرضيتان من الشهداء المرضيين فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة، ولا يأب الشهداء من تحمل الشهادة أو من أدائها عند الحاكم إذا ما دعوا أي دعائهم صاحب الحق للتحمل، أو للأداء إلى أجله المضروب بينكم، ذلكم الكتاب أقسط وأقوم للشهادة المرضية أن لا ترتابوا في الشهادة تديرونها بينكم، ولا تحتاجون إلى الكتب والإشهاد فيها، وأشهدوا إذا تبايعتم شاهدين، أو رجلا وامرأتين، ولا يضارّ كاتب ولا شهيد أي صاحب الحق، أو : لا يضار صاحب الحق كاتبا ولا شهيدا، ثم حذف وبنى للمفعول، وأن تفعلوا الضرر، واتقوا عذاب اللّه، ويعلمكم اللّه الصواب، وإن كنتم على سبيل سفر ولم تجدوا كاتبا يتوثق بكتابته، فالوثيقة رهن أمن بعضكم بعضا، فأعطاه مالا بلا إشهاد ولا رهن أمانته من غير حيف ولا مطل، وليتق عذاب اللّه، ولا تكتموا الشهادة عن طالبها.
وتلوين الخطاب، وهو الانتقال من الحضور إلى الغيبة، في قوله : فاكتبوه، وليكتب، ومن الغيبة إلى الحضور في قوله : ولا يأب كاتب، وأشهدوا. ثم انتقل إلى الغيبة بقوله :
ولا يضار، ثم إلى الحضور بقوله : ولا تكمتوا الشهادة، ثم إلى الغيبة بقوله : ومن يكتمها، ثم إلى الحضور بقوله : بما تعملون.
والعدول من فاعل إلى فعيل، في قوله : شهيدين، ولا يضار كاتب ولا شهيد.
والتقديم والتأخير في قوله : فليكتب، وليملل، أو الإملال، بتقديم الكتابة قبل، ومن ذلك : ممن ترضون من الشهداء، التقدير واستشهدوا ممن ترضون، ومنه وأشهدوا إذا تبايعتم.
انتهى ما لخصناه مما ذكر في هذه الآية من أنواع الفصاحة. وفيها من التأكيد في حفظ الأموال في المعاملات ما لا يخفى : من الأمر بالكتابة للمتداينين، ومن الأمر للكاتب