البحر المحيط، ج ٣، ص : ١١١
جر ما عطف عليه، بل يعرب المضاف إليه بإعراب المضاف المحذوف. ألا ترى إلى قوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «١»؟ وأما إقراره مجرورا فلا يجوز إلا بشرط ذكر في علم النحو.
عَلَى الْعالَمِينَ متعلق باصطفى، ضمنه معنى فضل، فعداه بعلى. ولو لم يضمنه معنى فضل لعدى بمن. قيل : والمعنى على عالمي زمانهم، واللفظ عام، والمراد به الخصوص كما قال جرير :
ويضحى العالمون له عيالا وقال الحطيئة :
أراح اللّه منك العالمينا وكما تؤول في وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «٢».
وقال القتبي : لكل دهر عالم، ويمكن أن يخص بمن سوى هؤلاء، ويكون قد اندرج في قوله : وآل إبراهيم محمد صلّى اللّه عليه وسلم، فيكون المعنى : إن هؤلاء فضلوا على من سواهم من العالمين. واشتراكهم في القدر المشترك من التفضيل لا يدل على التساوي في مراتب التفضيل، كما تقول : زيد وعمر وخالد أغنياء، فاشتراكهم في القدر المشترك من الغنى لا يدل على التساوي في مراتب الغنى، وإذا حملنا : العالمين، على من سوى هؤلاء، كان في ذلك دلالة على تفضيل البشر على الملائكة، لأنهم من سوى هؤلاء المصطفين، وقد استدل بالآية على ذلك. ولا يمكن حمل : العالمين، على عمومه لأجل التناقض، لأن الجمع الكثير إذا وصفوا بأن كل واحد منهم أفضل من كل العالمين، يلزم كل واحد منهم أن يكون أفضل من الآخر، وهو محال.
وقرأ عبد اللّه : وآل محمد على العالمين.
ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ أجازوا في نصب : ذرية، وجهين :
أحدهما : أن يكون بدلا. قال الزمخشري من آلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ يعني أن الآلين ذرية واحدة، وقال غيره بدل من نوح ومن عطف عليه من الأسماء. قال أبو البقاء :
ولا يجوز أن يكون بدلا من آدم لأنه ليس بذرية انتهى. وقال ابن عطية : لا يسوغ أن تقول في والد هذا ذرية لولده. وقال الراغب : الذرية يقال للواحد والجمع والأصل والنسل.
(١) سورة يوسف : ١٢/ ٨٢.
(٢) سورة البقرة : ٢/ ٤٧ و١٢٢.