البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٧٦
بالعدل، لأنه فاعل حق في ذلك، والماكر من البشر فاعل باطل في الأغلب، وقال تعالى :
وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا «١».
وقيل : خير، هنا ليست للتفضيل، بل هي : كهي في قوله : أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا «٢» وقال حسان.
فشركما لخيركما الفداء وفي هذه الآية من ضروب البلاغة : الاستعارة في : أحس، إذ لا يحس إلا ما كان متجسدا، والكفر ليس بمحسوس، وإنما يعلم ويفطن به، ولا يدرك بالحس إلّا إن كان أحس، بمعنى رأى، أو بمعنى : سمع منهم كلمة الكفر، فيكون : أحس، لا استعارة فيه، إذ يكون أدرك ذلك منهم بحاسة البصر، أو بحاسة الأذن، وتسمية الشيء باسم ثمرته.
قال الجمهور : أحس منهم القتل، وقتل نبي من أعظم ثمرات الكفر.
والسؤال والجواب في : قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ والتكرار في :
من أنصاري إلى اللّه، وأنصار اللّه، وآمنا باللّه، وآمنا بما أنزلت، ومكروا ومكر اللّه، والماكرين، وفي هذا التجنيس المماثل، والمغاير، والحذف، في مواضع.
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ العامل في : إذ، ومكر اللّه قاله الطبري، أو :
اذكر، قاله بعض النحاة، أو : خير الماكرين، قاله الزمخشري. وهذا القول هو بواسطة الملك، لأن عيسى ليس بمكلم، قاله ابن عطية.
و : متوفيك، هي وفاة يوم رفعه اللّه في منامه، قاله الربيع من قوله : وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ «٣» أي : ورافعك وأنت نائم، حتى لا يلحقك خوف، وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب. أو : وفاة موت، قاله ابن عباس. وقال وهب : مات ثلاث ساعات ورفعه فيها ثم أحياه اللّه بعد ذلك في السماء، وفي بعض الكتب : سبع ساعات.
وقال الفراء : هي وفاة موت، ولكن المعنى : متوفيك في آخر أمرك عند نزولك وقتلك الدجال، وفي الكلام تقديم وتأخير.

_
(١) سورة النساء : ٤/ ٨٤.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥/ ٢٤.
(٣) سورة الأنعام : ٦/ ٦٠. [.....]


الصفحة التالية
Icon