البحر المحيط، ج ٣، ص : ٢٢٤
وهل أنا إن عللت نفسي بسرحة من السرح موجود عليّ طريق
وقوله : فأولئك ما عليهم من سبيل من هذا المعنى، وهو كثير في القرآن وكلام العرب.
وقيل : السبيل هنا الفعل المؤدّي إلى الإثم. والمعنى : ليس عليهم طريق فيما يستحلون من أموال المؤمنين الأمّيين.
قال : وسبب استباحتهم لأموال الأمّيين أنهم عندهم مشركون، وهم بعد إسلامهم باقون على ما كانوا عليه، وذلك لتكذيب اليهود للقرآن وللنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وقيل : لأنهم انتقض العهد الذي كان بينهم بسبب إسلامهم، فصاروا كالمحاربين، فاستحلوا أموالهم. وقيل : لأن ذلك مباح في كتابهم أخذ مال من خالفهم.
وقال الكلبي : قالت اليهود : الأموال كلها كانت لنا، فما في أيدي العرب منها فهو لنا، وأنهم ظلمونا وغصبونا، فلا سبيل علينا في أخذ أموالنا منهم. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن صعصعة، أن رجلا قال لابن عباس : أنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمّة : الشاة والدجاجة، ويقولون : ليس علينا بذلك بأس، فقال له :
هذا كما قال أهل الكتاب : لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ أنهم إذا أدّوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلّا عن طيب أنفسهم. وذكر هذا الأثر الزمخشري، وابن عطية، وفيه بعد ذكر الشاة أو الدجاجة، قال : فيقولون ماذا قال؟ يقول : ليس علينا في ذلك بأس.
وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ أي القول الكذب يفترونه على اللّه بادعائهم أن ذلك في كتابهم. قال السدّي، وابن جريج، وغيرهما : ادعت طائفة من أهل الكتاب أن في التوراة إحلالا لهم أموال الأمّيين كذبا منها وهي عالمة بكذبها، فيكون الكذب المقول هنا هو هذا الكذب المخصوص في هذا الفصل. والظاهر أنه أعم من هذا، فيندرج هذا فيه، أي : هم يكذبون على اللّه في غير ما شيء وهم علماء بموضع الصدق.
وجوّزوا أن يكون : علينا، خبر : ليس، وأن يكون الخبر : في الأمّيين، وذهب قوم إلى عمل : ليس، في الجار، فيجوز على هذا أن يتعلق بها.
قيل : ويجوز أن يرتفع : سبيل، بعلينا، وفي : ليس، ضمير الأمر، ويتعلق : على اللّه، بيقولون بمعنى : يفترون.
قيل : ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه ولا يتعلق بالكذب.