البحر المحيط، ج ٣، ص : ٢٣٩
وصلتها : آتيناكم، والعائد محذوف تقديره : آتيناكموه، و : ثم جاءكم، معطوف على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف تقديره : ثم جاءكم رسول به، فحذف لدلالة المعنى عليه، هكذا خرجوه، وزعموا أن ذلك على مذهب سيبويه، وخرجوه على مذهب الأخفش : أن الربط لهذه الجملة العارية عن الضمير حصل بقوله : لما معكم، لأنه هو الموصول، فكأنه قيل : ثم جاءكم رسول مصدق له، وقد جاء الربط في الصلة بغير الضمير، إلّا أنه قليل : روي من كلامهم : أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، يريدون :
رويت عنه. وقال :
فيا رب ليلى أنت في كل موطن وأنت الذي في رحمة اللّه أطمع
يريد في رحمته أطمع.
وخبر المبتدأ، الذي هو : ما، الجملة من القسم المحذوف وجوابه، وهو : لتؤمنن به، والضمير في : به، عائد على الموصول المبتدأ، ولا يعود على : رسول، لئلا تخلو الجملة التي وقعت خبرا عن المبتدأ من رابط يربطها به، والجملة الابتدائية التي هي : لما آتيناكم، إلى آخره هي الجملة المتلقى بها ما أجرى مجرى القسم، وهو قوله : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ.
والقول الثالث : قاله بعض أهل العلم، وهو : أن تكون : ما، موصولة مفعولة بفعل جواب القسم، التقدير : لتبلغن ما آتيناكم من كتاب وحكمة، قال : إلّا أنه حذف : لتبلغن، للدلالة عليه، لأن لام القسم إنما تقع على الفعل، فلما دلت هذه اللام على هذا الفعل حذف، ثم قال تعالى : ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ وهو محمد صلّى اللّه عليه وسلّم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ وعلى هذا التقدير يستقيم النظم، انتهى. ويعني : يكون : لتؤمنن به، جواب قسم محذوف، وهذا بعيد جدا لا يحفظ من كلامهم، واللّه لزيدا تريد ليضربن زيدا.
والقول الرابع : قاله ابن أبي إسحاق، وهو : أن يكون : لما، تخفيف لما، والتقدير :
حين آتيناكم، ويأتي توجيه قراءة التشديد.
وأمّا توجيه قراءة حمزة : فاللام هي للتعليل، و : ما، موصولة : بآتيناكم، والعائد محذوف. و : ثم جاءكم، معطوف على الصلة، والرابط لها بالموصول إما إضمار : به، على ما نسب إلى سيبويه، وإما هذا الظاهر الذي هو : لما معكم، لأنه في المعنى هو الموصول على مذهب أبي الحسن.


الصفحة التالية
Icon