البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥١٥
والضحاك والسدي وغيرهم : نزلت فيّ ولد الرجل الصغار وامرأته. وقال ابن جبير : في المحجورين. وقال مجاهد : في النساء خاصة. وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما : نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط اللّه من السفه كائنا من كان.
ويضعف قول مجاهد أنها في النساء، كونها جمع سفيهة، والعرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات قاله : ابن عطية. ونقلوا أنّ العرب جمعت سفيهة على سفهاء، فهذا اللفظ قد قالته العرب للمؤنث، فلا يضعف قول مجاهد. وإن كان جمع فعيلة الصفة للمؤنث نادرا لكنه قد نقل في هذا اللفظ خصوصا. وتخصيص ابن عطية جمع فعيلة بفعائل أو فعيلات ليس بجيد، لأنه يطرد فيه فعال كظريفة وظراف، وكريمة وكرام، ويوافق في ذلك المذكر. وإطلاقه فعيلة دون أن يخصها بأن لا يكون بمعنى مفعولة نحو : قتيلة، ليس بجيد، لأن فعيلة لا تجمع على فعائل.
وقيل : عنى بالسفهاء الوارثين الذين يعلم من حالهم أنهم يتسفهون في استعمال ما تناله أيديهم، فنهى عن جمع المال الذي ترثه السفهاء. والسفهاء : هم المبذرون الأموال بالإنفاق فيما لا ينبغي، ولا يد لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرّف فيها. والظاهر في قوله :
أموالكم أن المال مضاف إلى المخاطبين بقوله : ولا تؤتوا. قال أبو موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة : نهى أن يدفع إلى السفيه شيء من مال غيره، وإذا وقع النهي عن هذا فإن لا يؤتى شيئا من مال نفسه أولى وأحرى بالنهي، وعلى هذا القول : وهو أن يكون الخطاب لأرباب الأموال. قيل : يكون في ذلك دلالة على أن الوصية للمرأة جائزة، وهو قول عامة أهل العلم. وأوصى عمر إلى حفصة. وروي عن عطاء : أنها لا تكون وصيا.
قال : ولو فعل حولت إلى رجل من قومه.
قيل : ويندرج تحتها الجاهل بأحكام البيع. وروي عن عمر أنه قال :«من لم يتفقه في الدين فلا يتجر في أسواقنا، والكفار». وكره العلماء أن يوكل المسلم ذميا بالبيع والشراء، أو يدفع إليه يضاربه. وقال ابن جبير : يريد أموال السفهاء، وأضافها إلى المخاطبين تغبيطا بالأموال، أي : هي لهم إذا احتاجوها كأموالكم التي تقي أعراضكم وتصونكم وتعظم أقداركم. ومن مثل هذا : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ «١» وما جرى مجراه. وهذا القول ذكره الزمخشري أولا قال : والخطاب للأولياء، وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس
(١) سورة النساء : ٤/ ٢٩.