البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥١٧
دينه. وقرأ نافع وابن عامر : قيما، وجمهور السبعة : قياما، وعبد اللّه بن عمر : قواما بكسر القاف، والحسن وعيسى بن عمر : قواما بفتحها. ورويت عن أبي عمرو. وقرىء شاذا :
قوما. فأما قيما فمقدر كالقيام، والقيام قاله : الكسائي والفراء والأخفش، وليس مقصورا من قيام. وقيل : هو مقصور منه. قالوا : وحذفت الألف كما حذفت في خيم وأصله خيام، أو جمع قيمة كديم جمع ديمة قاله : البصريون غير الأخفش. ورده أبو علي : بأنه وصف به في قوله : دِيناً قِيَماً «١» والقيم لا يوصف به، وإنما هو مصدر بمعنى القيام الذي يراد به الثبات والدوام. ورد هذا بأنه لو كان مصدرا لما أعلّ كما لم يعلوا حولا وعوضا، لأنه على غير مثال الفعل، لا سيما الثلاثية المجردة. وأجيب : بأنه اتبع فعله في الإعلال فأعل، لأنه مصدر بمعنى القيام، فكما أعل القيام أعل هو. وحكى الأخفش : قيما وقوما، قال :
والقياس تصحيح الواو، وإنما اعتلت على وجه الشذوذ كقولهم : تيره، وقول بني ضبة :
طيال في جميع طويل، وقول الجميع : جياد في جمع جواد. وإذا أعلوا ديما لاعتلال ديمة، فإن إعلال المصدر لاعتلال فعله أولى. ألا ترى إلى صحة الجمع مع اعتلال مفرده في معيشة ومعائش، ومقامة ومقاوم، ولم يصححوا مصدرا أعلوا فعله. وقيل : يحتمل هنا أن يكون جمع قيمة، وإن كان لا يحتمله دينا قيما. وأما قيام فظاهر فيه المصدر، وأما قوام فقيل : مصدر قاوم. وقيل : هو اسم غير مصدر، وهو ما يقام به كقولك : هو ملاك الأمر لما يملك به. وأما قوام فخطأ عند أبي حاتم. وقال : القوام امتداد القامة، وجوزه الكسائي.
وقال : هو في معنى القوام، يعني أنه مصدر. وقيل : اسم للمصدر. وقيل : القوام القامة، والمعنى : التي جعلها اللّه سبب بقاء قاماتكم.
وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ أي : أطعموهم واجعلوا لهم نصيبا. قيل : معناه فيمن يلزم الرجل نفقته من زوجته وبنيه الصغار. قال ابن عباس : لا تعمد إلى هلاك الشيء الذي جعله اللّه لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تنظر إلى ما في أيديهم، وأمسك ذلك وأصلحه، وكن أنت تنفق عليهم في رزقهم وكسوتهم ومؤونتهم. وقيل : في المحجورين، وهو خلاف مرتب على الخلاف في المخاطبين بقوله : وآتوا من هم. والمعنى على هذا القول : اجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتربحوا، حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال، فلا يأكلها الإنفاق. قيل : وقال فيها : ولم يقل منها تنبيها على ما
قاله عليه

_
(١) سورة الأنعام : ٦/ ١٦١.


الصفحة التالية
Icon