البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥١٩
والإشهاد الإيناس المشروط. وقال ابن سيرين : لا يدفع إليه بعد الإيناس والاختبار المذكورين حتى تمضي عليه سنة وتداوله الفصول الأربع، ولم تتعرض الآية لسن البلوغ، ولا بماذا يكون. وتكلم فيها هنا بعض المفسرين. والكلام في البلوغ مذكور في كتب الفقه.
وظاهر الآية أنه إن لم يؤنس منه رشد بقي محجورا عليه دائما، ولا يدفع إليه المال، وبه قال الجمهور. وقال النخعي وأبو حنيفة : ينتظر به خمس وعشرون سنة، ويدفع إليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس. وظاهر الآية يدل على استبداد الوصي بالدفع والاستقلال به.
وقالت طائفة : يفتقر إلى أن يدفعه إلى السلطان ويثبت عنده رشده، أو يكون ممن يأمنه الحاكم. وظاهر عموم اليتامى اندراج البنات في هذا الحكم، فيكون حكمهن حكم البنين في ذلك. فقيل : يعتبر رشدها، وإن لم تتزوج بالبلوغ. وقيل : المدة بعد الدخول خمسة أعوام. وقيل : سنة. وقيل : سبعة في ذات الأب، وعام واحد في اليتيمة التي لا وصي لها.
وحتى هنا غاية للابتلاء، ودخلت على الشرط وهو : إذا، وجوابه : فإن آنستم، وجوابه وجواب إن آنستم : فادفعوا. وإيناس الرشد مترتب على بلوغ النكاح، فيلزم أن يكون بعده. وحتى إذا دخلت على الشرط لا تكون عاملة، بل هي التي تقع بعدها الجمل كقوله :
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان وقوله :
وحتى ماء دجلة أشكل على أن في هذه المسألة خلافا ذهب الزّجاج وابن درستويه إلى أن الجملة في موضع جر، وذهب الجمهور إلى أنها غير عاملة البتة. وفي قوله : بلغوا النكاح تقدير محذوف وهو : بلغوا حد النكاح أو وقته. وقال ابن عباس : معنى آنستم عرفتم. وقال عطاء : رأيتم.
وقال الفراء : وجدتم. وقال الزجاج : علمتم. وهذه الأقوال متقاربة.
وقرأ ابن مسعود : فإن أحستم، يريد أحسستم. فحذف عين الكلمة، وهذا الحذف شذوذ لم يرد إلا في ألفاظ يسيرة. وحكى غير سيبويه : أنها لغة سليم، وأنها تطرد في عين كل فعل مضاعف اتصل بتاء الضمير أو نونه. وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن وأبو السمال وعيسى الثقفي : رشدا بفتحتين. وقرىء شاذا : رشدا بضمتين، ونكر رشدا لأن معناه نوع