البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥٣٥
والحكم أنه لا يرث إلا عند عدم ولد الصلب، أو عند وجود من لا يأخذ جميع الميراث منهم.
وهذا البحث جار في الأب والجد والأم والجدة، والأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة لاتفاق الصحابة على أنّ الجد ليس له حكم مذكور في القرآن، ولو كان اسم الأب يتناوله حقيقة لما صح هذا الاتفاق. ولو أوصى لولد فلان فعند الشافعي لا يدخل ولد الولد، وعند مالك يدخل، وعند أبي حنيفة يدخل إن لم يكن لفلان ولد صلب.
وللذكر : إما أن يقدّر محذوف أي : للذكر منهم، أو تنوب الألف واللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم. ومثل : صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل.
قال الفراء : ولم يعمل يوصيكم في مثل إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل، فالجملة في موضع نصب بيوصيكم. وقال الكسائي : ارتفع مثل على حذف أن تقديره : أنّ للذكر. وبه قرأ ابن أبي عبلة وأريد بقوله : للذكر مثل حظ الأنثيين حالة اجتماع الذكر والأنثيين فله سهمان، كما أن لهما سهمين. وأما إذا انفرد الابن فيأخذ المال أو البنتان، فسيأتي حكم ذلك. ولم تتعرض الآية للنص على هاتين المسألتين.
وقال أبو مسلم الأصبهاني : نصيب الذكر هنا هو الثلثان، فوجب أن يكون نصيب الأنثيين. وقال أبو بكر الرازي : إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث، فلا أن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى، لأن الذكر أقوى من الأنثى. وقيل : حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى، وإلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى، وهو خلاف النص، فوجب أن يكون حظهما الثلثين، لأنه لا قائل بالفرق. فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان.
ووجه رابع من القياس الجلي وهو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين، وذكر حكم الواحدة وما فوق الثنتين. وفي آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة، وحكم الأختين، ولم يذكر حكم الأخوات، فصارت الآيتان مجملتين من وجه، مبينتين من وجه.
فنقول : لما كان نصيب الأختين الثلثين، كانت البنتان أولى بذلك لأنهما أقرب إلى الميت. ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزاد على الثلثين، وجب أن لا يزاد نصيب الأخوات على ذلك، لأن البنت لما كانت أشدّ اتصالا بالميت امتنع جعل الأضعف زائدا على الأقوى. وقال الماتريدي : في الآية دليل على أن المال كله للذكر إذا لم يكن معه أنثى، لأنه جعل للذكر مثل ما للأنثيين. وقد جعل للأنثى النصف إذا لم يكن معها ذكر