البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥٣٨
والباقي تعصيبا. وتعلقت الروافض بظاهر لفظ ولد فقالوا : السدس لكل واحد من أبويه، والباقي للبنت أو الابن، إذ الولد يقع على : الذكر، والأنثى، والجد، وبنات الابن مع البنت، والأخوات لأب مع أخت لأب وأم، والواحدة من ولد الأم، والجدات كالأب مع البنت في السدس. وقال مالك : لا ترث جدة أبي الأب. وقال ابن سيرين : لا ترث أم الأم.
والضمير في لأبويه عائد على ما عاد عليه الضمير في ترك، وهو ضمير الميت الدال عليه معنى الكلام وسياقه. ولكل واحد منهما بدل من أبويه، ويفيد معنى التفصيل. وتبيين أن السدس لكل واحد، إذ لو لا هذا البدل لكان الظاهر اشتراكهما في السدس، وهو أبلغ وآكد من قولك : لكل واحد من أبويه السدس، إذ تكرر ذكرهما مرتين : مرة بالإظهار، ومرة بالضمير العائد عليهما. قال الزمخشري : والسدس مبتدأ، وخبره لأبويه، والبدل متوسط بينهما انتهى. وقال أبو البقاء : السدس رفع بالابتداء، ولكل واحد منهما الخبر، ولكل بدل من الأبوين، ومنهما نعت لواحد. وهذا البدل هو بدل بعض من كل، ولذلك أتى بالضمير، ولا يتوهم أنه بدل شيء من شيء، وهما لعين واحدة، لجواز أبواك يصنعان كذا، وامتناع أبواك كل واحد منهما يصنعان كذا. بل تقول : يصنع كذا. وفي قول الزمخشري : والسدس مبتدأ وخبره لأبويه نظر، لأنّ البدل هو الذي يكون الخبر له دون المبدل منه، كما مثلناه في قولك : أبواك كل واحد منهما يصنع كذا، إذا أعربنا كلا بدلا. وكما تقول : إنّ زيدا عينه حسنة، فلذلك ينبغي أن يكون إذا وقع البدل خبرا فلا يكون المبدل منه هو الخبر، واستغنى عن جعل المبدل منه خبرا بالبدل كما استغنى عن الاخبار عن اسم إن وهو المبدل منه بالأخبار عن البدل. ولو كان التركيب : ولأبويه السدسان لا وهم التنصيف أو الترجيح في المقدار بين الأبوين، فكان هذا التركيب القرآني في غاية النصية والفصاحة، وظاهر قوله :
ولأبويه، أنهما اللذان ولدا الميت قريبا لا جداه، ولا من علا من الأجداد. وزعموا أن قوله : أولادكم، يتناول من سفل من الأبناء. قالوا : لأنّ الأبوين لفظ مثنى لا يحتمل العموم ولا الجمع، بخلاف قوله : في أولادكم. وفيما قالوه : نظروهما عندي سواء في الدلالة، إن نظر إلى حمل اللفظ على حقيقته فلا يتناول إلا الأبناء الذين ولدهم الأبوان قريبا، لا من سفل كالأبوين لا يتناول إلا من ولداه قريبا، لا من علا. أو إلى حمل اللفظ على مجازه، فيشترك اللفظان في ذلك، فينطلق الأبوان على من ولداه قريبا. ومن علا كما ينطلق الأولاد على من ولداهم قريبا ومن سفل يبين حمله على الحقيقة في الموضعين أنّ ابن الابن