البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥٤٠
وأما أم الأم فتسمى أمّا مجازا، لكن لا يفرض لها الثلث إجماعا، وأجمعوا على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم، وعلى أن الأم تحجب أمها وأم الأب، وعلى أن الأب لا يحجب أم الأم. واختلفوا في توريث الجدة وابنتها. فروي عن عثمان وعلي وزيد : أنها لا ترث وابنتها حية، وبه قال : الأوزاعي، والثوري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وروي عن عثمان وعلي أيضا، وعمرو ابن مسعود وأبي موسى وجابر : أنها ترث معها.
وقال به : شريك، وعبيد اللّه بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر. وقال : كما أن الجد لا يحجبه إلا الأب، كذلك الجدة لا يحجبها إلا الأم.
وقرأ الإخوان : فلأمه هنا موضعين، وفي القصص فِي أُمِّها «١» وفي الزخرف : في أُمِّ الْكِتابِ «٢» بكسر الهمزة، لمناسبة الكسرة والياء. وكذا قرأ من بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ «٣» في النحل والزمر والنجم، أو بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ «٤» في النور. وزاد حمزة : في هذه كسر الميم اتباعا لكسرة الهمزة وهذا في الدرج. فإذا ابتدأ بضم الهمزة، وهي قراءة الجماعة درجا وابتداء. وذكر سيبويه أن كسر الهمزة من أم بعد الياء، والكسر لغة. وذكر الكسائي والفراء : أنها لغة هوازن وهذيل.
فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، المعنى : أنه إذا كان أب وأم وإخوة، كان نصيب الأم السدس، وحطها الإخوة من الثلث إلى السدس، وصار الأب يأخذ خمسة الأسداس. وذهب ابن عباس إلى أن الإخوة يأخذون ما حجبوا الأم عنه وهو السدس، ولا يأخذه الأب. وروي عنه : أن الأب يأخذه لا الإخوة، لقول الجماعة من العلماء. قال قتادة : وإنما أخذه الأب دونهم لأنه يمونهم ويلي نكاحهم والنفقة عليهم. وظاهر لفظ إخوة اختصاصه بالجمع المذكر، لأن إخوة جمع أخ. وقد ذهب إلى ذلك طائفة فقالوا : الإخوة تحجب الأم عن الثلث دون الأخوات، وعندنا يتناول الجمعين على سبيل التغليب. فإذن يصير المراد بقوله : إخوة، مطلق الإخوة، أي : أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكورا أو إناثا، أو الصنفين. وظاهر لفظ إخوة، الجمع. وأن الذين يحطون الأم إلى السدس ثلاثة فصاعدا، وهو قول ابن عباس : الأخوات عنده في حكم الواحد لا يحطان كما لا يحط، فالجمهور على أن الأخوين حكمهما في الحط حكم الثلاث فصاعدا.
ومنشأ الخلاف : هل الجمع أقله اثنان أو ثلاثة؟ وهي مسألة يبحث فيها في أصول
(١) سورة القصص : ٢٨/ ١٠، ١٢.
(٢) سورة الزخرف : ٤٣/ ٤.
(٣) سورة النحل : ١٦/ ٧٨، وسورة الزمر : ٣٩/ ٦.
(٤) سورة النور : ٢٤/ ٦١.