البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٢١
وما سحتموهم. وقيل : كانوا يتوارثون بالتبني لقوم يموتون قبل الوصية ووجوبها، فأمر الموصي أن يؤديها إلى ورثة الموصى له. وقيل : المعاقدة هنا الزواج، والنكاح يسمى عقدا، فذكر الوالدين والأقربين، وذكر معهم الزوج والزوجة. وقيل : المعاقدة هنا الولاء.
وقيل : هي حلف أبي بكر الصديق أن لا يورث عبد الرحمن شيئا، فلما أسلم أمره اللّه أن يؤتيه نصيبه من المال، قال أبو روق : وفيهما نزلت.
فتلخص من هذه الأقوال في المعاقدة أهي الحلف أن لا يورث الحالف؟ أم المؤاخاة؟ أم التبني؟ أم الوصية المشروحة؟ أم الزواج؟ أم الموالاة؟ سبعة أقوال. قال ابن عطية : ولفظة المعاقدة والإيمان ترجح أنّ المراد الأحلاف، لأنّ ما ذكر من غير الأحلاف ليس في جميعه معاقدة ولا أيمان انتهى.
وكيفية الحلف في الجاهلية : كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك، وهدمي هدمك، وثاري ثارك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك، وتعقل عني وأعقل عنك. فيكون للحليف التسدس من ميراث الحليف، فنسخ اللّه ذلك. وعلى الأقوال السابقة جاء الخلاف في قوله : وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ أهو منسوخ أم لا؟ وقد استدل بها على ميراث مولى الموالاة وبه قال : أبو يوسف، وأبو حنيفة، وزفر، ومحمد، قالوا : من أسلم على يد رجل ووالاه وعاقده ثم مات ولا وارث له غيره، فميراثه له. وروي نحوه عن يحيى بن سعيد، وربيعة، وابن المسيب، والزهري، وابراهيم، والحسن، وعمر، وابن مسعود. وقال مالك، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي : ميراثه للمسلمين. وقد أطال الكلام في هذه المسألة أبو بكر الرازي ناصرا مذهب أبي حنيفة.
وقرأ الكوفيون : عقدت بتخفيف القاف من غير ألف، وشدّد القاف حمزة من رواية عليّ بن كبشة، والباقون عاقدت بألف، وجوزوا في إعراب الذين وجوها. أحدها : أن يكون مبتدأ والخبر فآتوهم. والثاني : أن يكون منصوبا من باب الاشتغال نحو : زيدا فاضربه. الثالث : أن يكون مرفوعا معطوفا على الوالدان والأقربون، والضمير في فآتوهم عائد على موالي إذا كان الوالدان ومن عطف عليه موروثين، وإن كانوا وارثين فيجوز أن يعود على موالي، ويجوز أن يعود على الوالدين والمعطوف عليه. الرابع : أن يكون منصوبا معطوفا على موالي قاله : أبو البقاء، وقال : أي وجعلنا الذين عاقدت ورّاثا، وكان ذلك ونسخ انتهى. ولا يمكن أن يكون على هذا التقدير الذي قدّره أن يكون معطوفا على موالي


الصفحة التالية
Icon