البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٤
بأجنبي، وهو المعطوفان اللذان هما : الملائكة وأولو العلم، وليسا معمولين من جملة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ بل هما معمولان : لشهد، وهو نظير : عرف زيد أن هندا خارجة وعمرو وجعفر التميمية. فيفصل بين هندا والتميمية بأجنبي ليس داخلا فيما عمل فيها، وفي خبرها بأجنبي وهما : عمرو وجعفر، المرفوعان بعرف، المعطوفان على زيد.
وأما المثال الذي مثل به وهو : لا رجل إلّا عبد اللّه شجاعا، فليس نظير تخريجه في الآية، لأن قولك : إلّا عبد اللّه، يدل على الموضع من : لا رجل، فهو تابع على الموضع، فليس بأجنبي.
على أن في جواز هذا التركيب نظرا، لأنه بدل، و : شجاعا، وصف، والقاعدة أنه : إذا اجتمع البدل والوصف قدم الوصف على البدل، وسبب ذلك أنه على نية تكرار العامل على المذهب الصحيح، فصار من جملة أخرى على المذهب.
وأما انتصابه على القطع فلا يجيء إلّا على مذهب الكوفيين، وقد أبطله البصريون.
والأولى من هذه الأقوال كلها أن يكون منصوبا على الحال من اسم اللّه، والعامل فيه : شهد، وهو قول الجمهور.
وأما قراءة عبد اللّه : القائم بالقسط، فرفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو القائم بالقسط. قال الزمخشري وغيره : إنه بدل من : هو، ولا يجوز ذلك، لأن فيه فصلا بين البدل والمبدل منه بأجنبي. وهو المعطوفان، لأنهما معمولان لغير العامل في المبدل منه، ولو كان العامل في المعطوف هو العامل في المبدل منه لم يجز ذلك أيضا، لأنه إذا اجتمع العطف والبدل قدم البدل على العطف، لو قلت جاء زيد وعائشة أخوك، لم يجز. إنما الكلام : جاء زيد أخوك وعائشة.
وقال الزمخشري فإن قلت : لم جاز إفراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه، ولو قلت : جاءني زيد وعمر وراكبا لم يجز؟
قلت : إنما جاز هذا لعدم الإلباس، كما جاز في قوله : وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً «١» إن انتصب : نافلة، حالا عن : يعقوب، ولو قلت : جاءني زيد وهند راكبا، جاز لتميزه بالذكورة. انتهى كلامه.
وما ذكر من قوله في : جاءني زيد وعمرو راكبا، أنه لا يجوز ليس كما ذكر، بل هذا جائز، لأن الحال قيد فيمن وقع منه أو به الفعل، أو ما أشبه ذلك، وإذا كان قيدا فإنه يحمل
(١) سورة الأنبياء : ٢١/ ٧٢.