البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٧٧
التفضيل ولم يلحظوا معنى التشريك فيه، أو قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء لكفرهم.
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ اشارة إلى من آمن بالجبت والطاغوت وقال تلك المقالة، أبعدهم اللّه تعالى ومقتهم.
وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أي من ينصره ويمنعه من آثار اللعنة وهو العذاب العظيم.
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ أم هنا منقطعة التقدير : بل ألهم نصيب من الملك انتقل من الكلام إلى كلام تام، واستفهم على الإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك. وحكى ابن قتيبة أنّ أم يستفهم بها ابتداء. وقال بعض المفسرين. أم هنا بمعنى بل، وفسروا على سبيل الاخبار أنهم ملوك أهل الدنيا وعتو وتنعم لا يبغون غير ذلك، فهم بخلاء حريصون على أن لا يكون ظهور لغيرهم. والمعنى على القول الأوّل : ألهم نصيب، من الملك؟ فلو كان لهم نصيب من الملك لبخلوا به. والملك ملك أهل الدنيا، وهو الظاهر. أو ملك اللّه لقوله :«قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الانفاق» «١» وقيل : المال، لأنه به ينال الملك وهو أساسه. وقيل : استحقاق الطاعة. وقيل : النبوة. وقيل : صدق الفراسة ذكره الماوردي. والأفصح إلغاء اذن بعد حرف العطف الواو والفاء، وعليه أكثر القرّاء.
وقرأ عبد اللّه بن مسعود وعبد اللّه بن عباس : لا يؤنوا بحذف النون على إعمال اذن.
والناس هنا العرب، أو المؤمنون، أو النبي، أو من اليهود وغيرهم أقوال. والنقير : النقطة في ظهر النواة رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، والسدي، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة في آخرين. وقيل : القشر يكون في وسط النواة، رواه التميمي عن ابن عباس. أو الخيط في وسط النواة، روى عن مجاهد، أو نقر الرجل الشيء بطرف إبهامه رواه أبو العالية عن ابن عباس. أو حبة النواة التي في وسطها رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. وقال الأزهري : الفتيل والنقير، والقطمير، يضرب مثلا للشيء التافه الحقير، وخصت الأشياء الحقيرة بقوله :«فتيلا» في قوله :«ولا يظلمون فتيلا» «٢» وهنا بقوله نقير الوفاق النظير من الفواصل.
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أم أيضا منقطعة فتقدّر ببل.
(١) سورة الإسراء : ١٧/ ١٠٠.
(٢) سورة النساء : ٤/ ٤٩.