البحر المحيط، ج ٣، ص : ٨١
نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد؟ فقال :«على ملة إبراهيم». قالا : إن إبراهيم كان يهوديا. فقال صلى اللّه عليه وسلم :«فهلموا إلى التوراة». فأبيا عليه، فنزلت.
وقال الكلبي : زنى رجل منهم بامرأة ولم يكن بعد في ديننا الرجم، فتحاكموا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تخفيفا للزانيين لشرفهما، فقال صلى اللّه عليه وسلم :«إنما أحكم بكتابكم». فأنكروا الرجم، فجيء بالتوراة، فوضع حبرهم، ابن صوريا، يده على آية الرجم، فقال عبد اللّه بن سلام :
جاوزها يا رسول اللّه، فأظهرها فرجما.
وقال النقاش : نزلت في جماعة من اليهود أنكروا نبوّته، فقال لهم :«هلموا إلى التوراة ففيها صفتي».
وقال مقاتل : دعا جماعة من اليهود إلى الإسلام، فقالوا : نحن أحق بالهدى منك، وما أرسل اللّه نبيا إلا من بين إسرائيل، قال :«فأخرجوا التوراة فإني مكتوب فيها أني نبي» فأبوا، فنزلت
الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ هم : اليهود، والكتاب : التوراة.
وقال مكي وغيره : اللوح المحفوظ، وقيل : مِنَ الْكِتابِ جنس للكتب المنزلة، قاله ابن عطية، وبدأ به الزمخشري و : من، تبعيض.
وفي قوله : نصيبا، أي : طرفا، وظاهر بعض الكتاب، وفي ذلك إذ هم لم يحفظوه ولم يعلموا جميع ما فيه.
يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ هو : التوراة، وقال الحسن، وقتادة، وابن جريح : القرآن.
و : يدعون، في موضع الحال من الذين، والعامل : تر، والمعنى : ألا تعجب من هؤلاء مدعوين إلى كتاب اللّه؟ أي : في حال أن يدعوا إلى كتاب اللّه لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أي :
ليحكم الكتاب. وقرأ الحسن، وأبو جعفر، وعاصم الجحدري : ليحكم، مبنيا للمفعول والمحكوم فيه هو ما ذكر في سبب النزول.
ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ هذا استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب اللّه واجب، ونسب التولي إلى فريق منهم لا إلى جميع المبعدين، لأن منهم من أسلم ولم يتول كابن سلام وغيره.
وَهُمْ مُعْرِضُونَ جملة حالية مؤكدة لأن التولي هو الإعراض، أو مبينة لكون التولي عن الداعي، والإعراض عما دعا إليه، فيكون المتعلق مختلفا، أو لكون التولي بالبدن


الصفحة التالية
Icon