البحر المحيط، ج ٣، ص : ٨٥
وقيل : نزلت ردا على نصارى نجران في قولهم : إن عيسى هو اللّه، وليس فيه شيء من هذه الأوصاف.
والملك هنا ظاهره السلطان والغلبة، وعلى هذا التفسير جاءت أسباب النزول. وقال مجاهد : الملك النبوّة، وهذا يتنزل على نقل أبي مسلم في سبب النزول. وقيل : المال والعبيد، وقيل : الدنيا والآخرة.
وقال الزجاج : مالك العباد وما ملكوا. وقال الزمخشري : أي تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون. وقال : معناه ابن عطية، وقد تكلم في لفظة : اللهم، من جهة النحو، فقال : أجمعوا على أنها مضمومة الهاء مشدّدة الميم المفتوحة، وأنها منادى.
انتهى. وما ذكر من الإجماع على تشديد الميم قد نقل الفراء تخفيف ميمها في بعض اللغات، قال : وأنشد بعضهم :
كحلفة من أبي رياح يسمعها اللّهم الكبار
قال الراد عليه : تخفيف الميم خطأ فاحش خصوصا عند الفراء، لأن عنده هي التي في أمّنا، إذ لا يحتمل التخفيف أن تكون الميم فيه بقية أمّنا. قال : والرواية الصحيحة يسمعها لاهه الكبار. انتهى. وإن صح هذا البيت عن العرب كان فيه شذوذ آخر من حيث استعماله في غير النداء، ألا ترى أنه جعله في هذا البيت فاعلا بالفعل الذي قبله؟ قال أبو رجاء العطاردي :
هذه الميم تجمع سبعين اسما من أسمائه وقال النضر بن شميل : من قال اللهم فقد دعا اللّه بجميع أسمائه كلها. وقال الحسن : اللهم مجمع الدعاء. ومعنى قول النضر : إن اللهم هو اللّه زيدت فيه الميم، فهو الاسم العلم المتضمن لجميع أوصاف الذات، لأنك إذا قلت : جاء زيد، فقد ذكرت الاسم الخاص، فهو متضمن جميع أوصافه التي هي فيه من شهلة أو طول أو جود أو شجاعة، أو أضدادها وما أشبه ذلك.
وانتصاب : مالك الملك، على أنه منادى ثان أي : يا مالك الملك، ولا يوصف اللهم عند سيبويه، وأجاز أبو العباس وأبو إسحاق وصفه، فهو عندهما صفة للاهم، وهي مسألة خلافية يبحث عنها في علم النحو.
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ الظاهر أن الملك هو السلطان والغلبة، كما أن ظاهر الملك الأوّل كذلك، فيكون الأوّل عاما، وهذان خاصين. والمعنى :
إنك تعطي من شئت قسما من الملك، وتنزع ممن شئت قسما من الملك وقد فسر الملك


الصفحة التالية
Icon