البحر المحيط، ج ٣، ص : ٨٩
القول احتمالا ابن عطية، فقال : ويحتمل لفظ الآية أن يدخل فيها تعاقب الليل والنهار، وكان زوال أحدهما ولوج الآخر.
وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ معنى الإخراج التكوين هنا، والإخراج حقيقة هو إخراج الشيء من الظرف. قال ابن مسعود، وابن جبير، ومجاهد، وقتادة، وإبراهيم، والسدي، وإسماعيل بن أبي خالة إبراهيم، وعبد الرحمن بن زيد.
تخرج الحيوان من النطفة وهي ميتة إذا انفصلت النطفة من الحيوان، وتخرج النطفة وهي ميتة من الرجل وهو حي، فعلى هذا يكون الموت مجازا إذ النطفة لم يسبق لها حياة، ويكون المعنى : وتخرج الحي من ما لا تحله الحياة وتخرج ما لا تحله الحياة من الحي، والإخراج عبارة عن تغير الحال.
وقال عكرمة، والكلبي : أي الفرخ من البيضة، والبيضة من الطير، والموت أيضا هنا مجاز والإخراج حقيقة.
وقال أبو مالك : النخلة من النواة، والسنبلة من الحبة، والنواة من النخلة، والحبة من السنبلة، والموت والحياة في هذا مجاز.
وقال الحسن، وروي نحوه عن سلمان الفارسي : تخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، وهما أيضا مجاز. وفي الحديث : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :«سبحان اللّه الّذي يخرج الحيّ من الميت».
وقد رأى امرأة صالحة مات أبوها كافرا وهي خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث.
وقال الزجاج : يخرج النبات الغض الطري من الحب، ويخرج الحب اليابس من النبات الحيّ.
وقيل : الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب. وقال الماوردي : ويحتمل يخرج الجلد الفطن من البليد العاجز، والعكس، لأن الفطنة حياة الحس والبلادة موته. وقيل :
يخرج الحكمة من قلب الفاجر لأنها لا تستقر فيه، والسقطة من لسان العارف وهذه كلها مجازات بعيدة.
والأظهر في قوله الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ تصور اثنين وقيل : عنى بذلك شيئا واحدا يتغير به الحال، فيكون ميتا ثم يحيا، وحيا ثم يموت. نحو قولك : جاء من فلان أسد. وقال ابن عطية : ذهب جمهور من العلماء إلى أن الحياة والموت هنا حقيقتان لا استعارة فيهما، ثم