البحر المحيط، ج ٤، ص : ١١١
عين منفعل بحركة اللام في حالة الرفع فقالوا : منحدر، وهذا أولى لأن حركة الإعراب ليست ثابتة خلاف حركة الذال، وهذا كله توجيه شذوذ. وعلى تقدير صحة النقل عن الحسن أنه قرأ بفتح الميم. وقرأ أبو جعفر : مدبدبين بالدال غير معجمة، كأن المعنى :
أخذتهم تارة بدبة، وتارة في دبة، فليسوا بماضين على دبة واحدة. والدبة الطريقة، وهي في حديث ابن عباس :«اتبعوا دبة قريش، ولا تفارقوا الجماعة» ويقال : دعني ودبتي، أي طريقتي وسجيتي. قال الشاعر :
طها هذريان قل تغميض عينه على دبة مثل الخنيق المرعبل
وانتصاب مذبذبين على الحال من فاعل يراؤون، أو فاعل ولا يذكرون. وقال الزمخشري : مذبذبين : إمّا حال من قوله : ولا يذكرون عن واو يراؤونهم، أي يراؤونهم غير ذاكرين مذبذبين. أو منصوب على الذم.
لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ والمراد بأحد المشار إليهم المؤمنون، وبالآخر الكافرون. والمعنى : لا يعتقدون الإيمان فيعدوا من المؤمنين، ولم يقيموا على إظهار الكفر فيعدوا مع الكافرين. ويتعلق إلى بمحذوف تقديره : ولا منسوبين إلى هؤلاء، وهو موضع الحال.
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا أي فلن تجد لهدايته سبيلا، أو فلن تجد سبيلا إلى هدايته.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ لما كان هذا الوصف من أوصاف المنافقين، وتقدم ذمهم بذلك، نهى اللّه تعالى المؤمنين عن هذا الوصف.
وكان للأنصار في بني قريظة رضاع وحلف ومودة، فقالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من نتولى؟ فقال :«المهاجرون»
. وقال القفال : هذا نهي للمؤمنين عن موالاة المنافقين يقول : قد بينت لكم أخلاق هؤلاء المنافقين فلا تتخذوا منهم أولياء انتهى. فعلى هذا هل الكافرون هنا اليهود أو المنافقون قولان؟ وقال ابن عطية : خطابه للمؤمنين يدخل فيه بحكم الظاهر المنافقون المظهرون للإيمان، وفي اللفظ رفق بهم وهو المراد بقوله : أتريدون أن هذا التوفيق إنما هو لمن ألمّ بشيء من العقل المؤدّي إلى هذه الحال، والمؤمنون المخلصون ما ألموا بشيء من ذلك. ويقوي هذا المنزع قوله تعالى : من دون المؤمنين، أي : والمؤمنون العارفون المخلصون غيب عن هذه الموالاة، وهذا لا يقال للمؤمنين