البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٥١
ضربت زيدا ضربت زيدا العاقل، انبغى أن يكون العاقل نعتا لزيد في الجملة الأولى، لا لزيد في الجملة الثانية، لأنها جملة مؤكدة للجملة الأولى. والمقصود بالإسناد إنما هو الجملة الأولى لا الثانية. قيل : وثم معطوف محذوف للاختصار، ودلالة الكلام عليه.
والتقدير : ليس له ولد ولا والد.
وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ أي إن قدّر الأمر على العكس من موتها وبقائه بعدها. والمراد بالولد هنا الابن، لأن الابن يسقط الأخ دون البنت. قال الزمخشري :(فإن قلت) : الابن لا يسقط الأخ وحده، فإن الأب نظيره في الإسقاط، فلم اقتصر على نفي الولد؟ (قلت) : وكل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنة وهو
قوله عليه السّلام :«ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولي عصبة»
ذكر الأب أولى من الأخ، وليسا بأول حكمين بين أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة. ويجوز أن يدل بحكم انتفاء الولد على حكم انتفاء الوالد، لأنّ الولد أقرب إلى الميت من الوالد. فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب، فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد، ولأن الكلالة تتناول انتفاء الوالد والولد جميعا، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالا على انتفاء الآخر انتهى كلامه. والضمير في قوله : وهو وفي يرثها عائد إلى ما تقدم لفظا دون معنى، فهو من باب عندي درهم ونصفه، لأن الهالك لا يرث، والحية لا تورث، ونظيره في القرآن : وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ «١» وهذه الجملة مستقلة لا موضع لها من الإعراب، وهي دليل جواب الشرط الذي بعدها. فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ قالوا : الضمير في كانتا ضمير أختين دل على ذلك قوله : وله أخت. وقد تقرر في علم العربية أن الخبر يفيد ما لا يفيده الاسم. وقد منع أبو عليّ وغيره سيد الجارية مالكها، لأن الخبر أفاد ما أفاده المبتدأ. والألف في كانتا تفيد التثنية كما أفاده الخبر، وهو قوله اثنتين. وأجاب الأخفش وغيره بأن قوله : اثنتين يدل على عدم التقييد بالصغر أو الكبر أو غيرهما من الأوصاف، فاستحق الثلثان بالاثنينية مجردة عن القيود، فلهذا كان مفيدا وهذا الذي قالوه ليس بشيء، لأن الألف في الضمير للاثنتين يدل أيضا على مجرد الاثنينية من غير اعتبار قيد، فصار مدلول الألف ومدلول اثنتين سواء، وصار المعنى : فإن كانتا الأختان اثنتين، ومعلوم أنّ الأختين اثنتان. وقال الزمخشري :(فإن قلت) : إلى من يرجع ضمير التثنية والجمع في قوله : فإن كانتا اثنتين، وإن كانوا إخوة؟ (قلت) : أصله فإن كان من يرث

(١) سورة فاطر : ٣٥/ ١١. [.....]


الصفحة التالية