البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٦٤
حكمة ومصلحة. وقال ابن عطية : وقد نبه على ما تضمنته هذه الآية من الأحكام ما نصه هذه الآية مما يلوح فصاحتها وكثرة معانيها على قلة ألفاظها لكل ذي بصر بالكلام، ولمن عنده أدنى بصيرة. ثم ذكر ابن عطية الحكايةالتي قدمناها عن الكندي وأصحابه، وفي مثل هذا أقول من قصيدة مدحت بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم معارضا لقصيدة كعب منه في وصف كتاب اللّه تعالى :
جار على منهج الأعراب أعجزهم باق مدى الدهر لا يأتيه تبديل
بلاغة عندها كعّ البليغ فلم ينبس وفي هديه طاحت أضاليل
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ
خرج سريح أحد بني ضبيعة إلى مكة حاجا وساق الهدي.
وفي رواية ومعه تجارة، وكان قبل قد قدم المدينة وتكلم مع الرسول صلى اللّه عليه وسلم وتروّى في إسلامه، وقال الرسول عليه السّلام :«لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر» فمر بسرح بالمدينة فاستاقه، فلما قدم مكة عام الحديبية أراد أهل السرح أن يغيروا عليه، واستأذنوا الرسول، فنزلت.
وقال السدي : اسمه الحطيم بن هند البلدي أحد بني ضبيعة، وأراد الرسول أن يبعث إليه ناسا من أصحابه فنزلت. وقال ابن زيد : نزلت بمكة عام الفتح وحج المشركون واعتمروا فقال المسلمون : يا رسول اللّه إن هؤلاء مشركون فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم، فنزل القرآن.
وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ «١» والشعائر جمع شعيرة أو شعارة، أي : قد أشعر اللّه أنها حده وطاعته، فهي بمعنى معالم اللّه، وتقدم تفسيرها في إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ «٢». قال الحسن : دين اللّه كله يعني شرائعه التي حدها لعباده، فهو عام في جميع تكاليفه تعالى. وقال ابن عباس : ما حرم عليكم في حال الإحرام. وقال أيضا هو ومجاهد :
مناسك الحج. وقال زيد بن أسلم : شعائر الحج وهي ست : الصفا والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن. وقال أيضا : المحرمات خمس : الكعبة الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، حتى يحل. وقال ابن الكلبي :
كان عامّة العرب لا يعدون الصفا والمروة من الشعائر، وكانت قريش لا تقف بعرفات، فنهوا عن ذلك. وقيل : الأعلام المنصوبة المتفرقة بين الحل والحرم نهوا أن يتجاوزوها إلى
(٢) سورة البقرة : ٢/ ١٥٨.