البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٧١
وغيره من الفقهاء في : الصيد ما حكمه حكم الوقيذ، وهو نص في
قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في المعراض :«وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ».
وقال ابن عباس، وقتادة، والسدي، والضحاك : النطيحة الشاة تنطحها أخرى فيموتان، أو الشاة تنطحها البقر والغنم. وقال قوم : النطيحة المناطحة، لأن الشاتين قد يتناطحان فيموتان. قال ابن عطية : كل ما مات ضغطا فهو نطيح. وقرأ عبد اللّه وأبو ميسرة : والمنطوحة والمعنى في قوله وما أكل السبع : ما افترسه فأكل منه. ولا يحمل على ظاهره، لأن ما فرض أنه أكله السبع لا وجود له فيحرم أكله، ولذلك قال الزمخشري : وما أكل السبع بعضه، وهذه كلها كان أهل الجاهلية يأكلونها. وقرأ الحسن والفياض، وطلحة بن سلمان، وأبو حيوة : السبع بسكون الباء، ورويت عن أبي بكر عن عاصم في غير المشهور، ورويت عن أبي عمرو. وقرأ عبد اللّه :
وأكيلة السبع. وقرأ ابن عباس : وأكيل السبع وهما بمعنى مأكول السبع، وذكر هذه المحرمات هو تفصيل لما أجمل في عموم قوله : إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ «١» وبهذا صار المستثنى منه والمستثنى معلومين.
إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ
قال علي، وابن عباس، والحسن، وقتادة، وابراهيم، وطاووس، وعبيد بن عمير، والضحاك، وابن زيد، والجمهور : هو راجع إلى المذكورات
أي من قوله : والمنخنقة إلى وما أكل السبع. فما أدرك منها بطرف بعض، أو بضرب برجل، أو يحرك ذنبا. وبالجملة ما تيقنت فيه حياة ذكي وأكل. وقال بهذا مالك في قول، والمشهور عنه وعن أصحابه المدنيين : أنّ الذكاة في هذه المذكورات هي ما لم ينفذ مقاتلها ويتحقق أنها لا تعيش، ومتى صارت إلى ذلك كانت في حكم الميتة. وعلى هذين القولين فالاستثناء متصل، لكنه خلاف في الحال التي يؤثر فيها الذكاة في المذكورات. وكان الزمخشري مال إلى مشهور قول مالك فإنه قال : إلا ما أدركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتشخب وداجه. وقيل : الاستثناء متصل عائد إلى أقرب مذكور وهو ما أكل السبع ومختص به، والمعنى : إلا ما أدركتم فيه حياة مما أكل السبع فذكيتموه، فإنه حلال. وقيل :
هو استثناء منقطع والتقدير : لكن ما ذكيتم من غير هذه فكلوه. وكان هذا القائل رأى أنّ هذه الأوصاف وجدت فيما مات بشيء منها، إما بالخنق، وإما بالوقذ، أو التردي، أو النطح، أو افتراس السبع، ووصلت إلى حد لا تعيش فيه بسب بوصف من هذه الأوصاف على مذهب

(١) سورة المائدة : ٥/ ١.


الصفحة التالية
Icon