البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٨٠
والثوري، وإسحاق. وأجاز أكل صيد كلابهم : مالك، وأبو حنيفة، والشافعي إذا كان الصائد مسلما. قالوا : وذلك مثل شفرته. والجمهور : على جواز ما صاد الكتابي. وقال مالك : لا يجوز فرق بين صيده وذبيحته. وما صاد المجوسي فالجمهور على منع أكله :
عطاء، وابن جبير، والنخعي، ومالك، وأبو حنيفة، والليث، والشافعي. وقال أبو ثور : فيه قول أنهم أهل كتاب، وأن صيدهم جائز، وما علمتم موضع ما رفع على أنه معطوف على الطيبات، ويكون حذف مضاف أي : وصيد ما علمتم، وقدره بعضهم : واتخاذ ما علمتم.
أو رفع على الابتداء، وما شرطية، والجواب : فكلوا. وهذا أجود، لأنه لا إضمار فيه.
وقرأ ابن عباس وقرأ ابن عباس وابن الحنفية : وما علمتم مبنيا للمفعول أي : من أمر الجوارح والصيد بها. وقرأ : مكلبين من أكلب، وفعل وأفعل، قد يشتركان. والظاهر دخول الكلب الأسود البهيم في عموم الجوارح، وأنه يجوز أكل صيده، وبه قال الجمهور.
ومذهب أحمد وجماعة من أهل الظاهر : أنه لا يجوز أكل صيده، لأنه مأمور بقتله، وما أوجب الشرع قتله فلا يجوز أكل صيده. وقال أحمد : لا أعلم أحدا رخص فيه إذا كان بهيما وبه قال : ابن راهويه. وكره الصيد به : الحسن، وقتادة، والنخعي. وقد تقدم ذكر أقصى غاية التعليم في الكلب، أنه إذا أمر ائتمر، وإذا زجر انزجر. وزاد قوم شرطا آخر وهو أن لا يأكل مما صاد، فأما سباع الطير فلا يشترط فيها الأكل عند الجمهور. وقال ربيعة : ما أجاب منها فهو المعلم. وقال ابن حبيب : لا يشترط فيها إلا شرط واحد : وهو أنه إذا أمرها أطاعت، فإن انزجارها إذا زجرت لا يتأتى فيها. وظاهر قوله : وما علمتم، حصول التعليم من غير اعتبار عدد. وكان أبو حنيفة لا يجد في ذلك عددا. وقال أصحابنا : إذا صاد الكلب وأمسك ثلاث مرات فقد حصل له التعليم. وقال غيرهم : إذا فعل ذلك مرة واحدة فقد صار معلما.
تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ أي : إنّ تعليمكم إياهنّ ليس من قبل أنفسكم، إنما هو من العلم الذي علمكم اللّه، وهو أن جعل لكم روية وفكرا بحيث قبلتم العلم. فكذلك الجوارح بصبر لها إدراك ما وشعور، بحيث يقبلن الائتمار والانزجار. وفي قوله : مما علمكم اللّه، إشعار ودلالة على فضل العلم وشرفه، إذ ذكر ذلك في معرض الامتنان.
ومفعول علم وتعلمونهنّ الثاني محذوف تقديره : وما علمتموه طلب الصيد لكم لا لأنفسهنّ تعلمونهنّ ذلك، وفي ذلك دلالة على أن صيد ما لم يعلم حرام أكله، لأنّ اللّه تعالى إنما أباح ذلك بشرط التعليم. والدليل على ذلك الخطاب في عليكم في قوله : فكلوا مما