البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٨٢
وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الظاهر عود الضمير في عليه إلى المصدر المفهوم من قوله : فكلوا، أي على الأكل. وفي الحديث في صحيح مسلم «سم اللّه وكل مما يليك»
وقيل : يعود على ما أمسكن، على معنى : وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته، وهذا فيه بعد.
وقيل : على ما علمتم من الجوارح أي : سموا عليه عند إرساله
لقوله :«إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم اللّه فكل»
واختلفوا في التسمية عند الإرسال : أهي على الوجوب؟ أو على الندب؟ والمستحب أن يكون لفظها بسم اللّه واللّه أكبر. وقول من زعم : إنّ في الكلام تقديما وتأخيرا، وإنّ الأصل : فاذكروا اسم اللّه عليه وكلوا مما أمسكن عليكم، قول مرغوب عنه لضعفه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لما تقدم ذكر ما حرّم وأحلّ من المطاعم أمر بالتقوى، فإنّ التقوى بها يمسك الإنسان عن الحرام. وعلل الأمر بالتقوى بأنه تعالى سريع الحساب لمن خالف ما أمر به من تقواه، فهو وعيد بيوم القيامة، وأن حسابه تعالى إياكم سريع إتيانه، إذ يوم القيامة قريب. أو يراد بالحساب المجازاة، فتوعد من لم يتق بمجازاة سريعة قريبة، أو لكونه تعالى محيطا بكل شيء لا يحتاج في الحساب إلى مجادلة عدّ، بل يحاسب الخلائق دفعة واحدة.
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ فائدة إعادة ذكر إحلال الطيبات التنبيه بإتمام النعمة فيما يتعلق بالدنيا، ومنها إحلال الطيبات كما نبه بقوله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «١» على إتمام النعمة في كل ما يتعلق بالدين. ومن زعم أنّ اليوم واحد قال : كرره ثلاث مرات تأكيدا، والظاهر أنها أوقات مختلفة. وقد قيل في الثلاثة : إنها أوقات أريد بها مجرد الوقت، لا وقت معين. والظاهر أنّ الطيبات هنا هي الطيبات المذكورة قبل.
وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ طعامهم هنا هي الذبائح كذا قال معظم أهل التفسير. قالوا : لأنّ ما كان من نوع البر والخبز والفاكهة وما لا يحتاج فيه إلى ذكاة لا يختلف في حلها باختلاف حال أحد، لأنها لا تحرم بوجه سواء كان المباشرة لها كتابيا، أو مجوسيا، أم غير ذلك. وأنها لا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة، ولأن ما قبل هذا في بيان الصيد والذبائح فحمل هذه الآية على الذبائح أولى. وذهب قوم إلى أنّ المراد بقوله :