البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٩٥
بما دل عليه أوّل السورة من إباحة الطيبات من المطاعم والمناكح، ثم قال بعد كيفية الوضوء : ويتم نعمته عليكم، أي النعمة المذكورة ثانيا وهي نعمة الدين. وقيل : تبيين الشرائع وأحكامها، فيكون مؤكدا لقوله : وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «١» وقيل : بغفران ذنوبهم. وفي الخبر :«تمام النعمة بدخول الجنة والنجاة من النار».
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي تشكرونه على تيسير دينه وتطهيركم وإتمام النعمة عليكم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧ إلى ١١]
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا الخطاب للمؤمنين، والنعمة هنا الإسلام، وما صاروا إليه من اجتماع الكلمة والعزه. والميثاق : هو ما أخذه الرسول عليهم في بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وكل موطن قاله : ابن عباس، والسدي، وجماعة. وقال مجاهد : هو ما أخذ على النسم حين استخرجوا من ظهر آدم.
وقيل : هو الميثاق المأخوذ عليهم حين بايعهم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر، والمنشط والمكره. وقيل : الميثاق هو الدلائل التي نصبها لأعينهم وركبها في عقولهم، والمعجزات التي أظهرها في أيامهم حتى سمعوا وأطاعوا. وقيل : الميثاق إقرار كل مؤمن بما ائتمر به. وروي عن ابن عباس : أنه الميثاق الذي أخذه اللّه على بني إسرائيل حين قالوا : آمنا بالتوراة وبكل ما فيها، ومن جملته البشارة بالرسول صلى اللّه عليه وسلم، فلزمهم الإقرار به. ولا