البحر المحيط، ج ٤، ص : ٢٢
التحرير ففي مال القاتل. وأما الدية فعلى العاقلة كلها في قول طائفة منهم : الأوزاعي، والحسن بن صالح. وما جاوز الثلث في قول الجمهور أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، والليث، وابن شبرمة، وغيرهم. وأما الثلث ففي مال الجاني، ولم يجب عليهم إلا على سبيل المواساة. وهي خلاف قياس الأصول في الغرامات والمتلفات. والدية كانت مستقرة في الجاهلية. قال الشاعر :
نأسوا بأموالنا آثار أيدينا ولم تتعرض الآية لمقدار ما يعطى في الدية، ولا من أي شيء تكون. فذهب أبو حنيفة : إلى أنها من الإبل مائة على ما يأتي تفصيلها، والدنانير والدراهم ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم. وقال أبو يوسف ومحمد : ومن البقر والشاة والحلل، وبه قالت طائفة من التابعين، وهو قول الفقهاء السبعة المدنيين. فمن البقر مائتا بقرة، ومن الشاة ألف شاة، ومن الحلل مائتا حلة، وذلك فعل عمر وجعله على كل أهل صنف من ذلك ما ذكر. وقال مالك : أهل الذهب أهل الشام ومصر، وأهل الورق أهل العراق، وأهل الإبل أهل البوادي، فلا يقبل من أهل الإبل إلا الإبل، ولا من أهل الذهب إلا الذهب، ولا من أهل الورق إلا الورق. وقالت طائفة منهم طاووس والشافعي : هي مائة من الإبل لا غير. قال الشافعي : والدراهم والدنانير بدل عنها إذا عدمت، وله قول آخر : إنه يجب اثنا عشر ألف درهم، أو ألف دينار. قال أبو بكر الرازي : أجمع فقهاء الأمصار أبو حنيفة والشافعي ومالك أن آية الخطأ أخماس، واختلفوا في الأسنان. فقال أصحابنا جميعا : عشرون بني مخاض، وعشرون بنات لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة، وهو : مذهب ابن مسعود، وبه قال أحمد. وقال مالك : عشرون حقاقا، وعشرون جذاعا، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت مخاض. وحكي هذا عن عمر بن عبد العزيز، وسليمان بن يسار، والزهري، وربيعة والليث.
وقال الشافعي : الدية قسمان، مغلظة أثلاثا، ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها، ومخففة أخماسا كقول مالك. وروي عن عطاء أن دية الخطأ أرباع : خمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، مثل أسنان الذكور. وقال عمر وزيد بن ثابت : في الخطا ثلاثون بنت لبون، وثلاثون جذعة، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت مخاض. وروي عنهما مكان الجذاع الحقات.